فارس هاني التركي

صافولا وأخلاق الكبار

أرقام فارس
أرقام فارس

السبت - 01 أبريل 2017

Sat - 01 Apr 2017

هدر الطعام من المشاكل المحزنة والمخيفة عالميا، فحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فقد بلغ الهدر الغذائي 1,3 مليار طن سنويا في الوقت نفسه الذي ما زال يعاني فيه قرابة 800 مليون إنسان من الجوع، مع العلم بأن 25% فقط من الطعام المهدر عالميا كاف لإطعام جميع جياع العالم. محليا الوضع أسوأ، ففي حين تجاوزت نسبة الذين يعانون من السمنة في السعودية حاجز الـ30%، أظهرت نتائج أصدرتها هيئة الإحصاء السعودية أن الهدر الغذائي لدينا بلغ 250 كيلو جرام للشخص الواحد سنويا، وحتى في استهلاك الماء تصدرت السعودية المركز الأول عالميا بنحو 295 لترا من الماء سنويا.



المؤسف أكثر أن الكثير منا ما زال يكابر ويشكك في صحة هذه الأرقام، والكثير أيضا يلقي اللوم على الأغنياء والمطاعم وقاعات الأفراح. رغم واقع الهدر المؤلم الذي نعيشه ورغم كل الدراسات ورغم كل مقاطع الفيديو المنتشرة؛ لا يزال العديد يرفض تقبل الحقيقة وللأسف لا يمكن معالجة أي سلوك خاطئ قبل الاعتراف بالخطأ. هناك فرق بين الكرم والإسراف، وهناك فرق بين الكبر والخيلاء وبين أخذ فائض طعامكم من المطعم. في خضم هذا الإنكار المحلي بأرقامنا المخجلة جاء تقرير مجلة Economist ليؤكد صدارة المملكة في الهدر الغذائي، في المقابل قامت العديد من الشركات والمطاعم بحملات توعوية لوقف الهدر ومعالجة الوضع بالتثقيف المستمر.



من أهم هذه المبادرات حملة #نقدرها من «عالم صافولا» والتي لم تتحرج أو تتردد في حمل راية التوعية بهذا الموضوع، رغم امتلاكها لأسواق (بنده) للتجزئة، فقد يعتقد الإنسان الطبيعي أن حملة كهذه قد تؤثر على مبيعاتها، ولكن يتضح لي أن إحساسها بمسؤوليتها الاجتماعية كان أكبر من رغبتها في الربح السريع، وهذه هي أخلاق الكبار التي نأملها من شركاتنا الوطنية. أبحاث عديدة قامت بها عالم صافولا للتحقق من الأرقام، فكانت أول شركة خاصة توقع مع إحدى برامج الأمم المتحدة، وكذلك تعاونت مع شركة Wrap البريطانية وهي أكبر شركة في العالم متخصصة في دراسة وإدارة وتحليل الهدر الغذائي المنزلي.



قامت هذه الشركة ببحوث ميدانية على المنازل السعودية وطلعت بنتائج مخيفة من أهمها أن المنازل السعودية تهدر 8 ملايين وجبة يوميا، وأن قيمة الطعام المهدر يوميا في المنازل السعودية تبلغ 70 مليون ريال. قامت عالم صافولا بعد ذلك بإطلاق حملة #نقدرها والتي ركزت على مساعدة الأسر في كيفية شراء «المقاضي»، ومن ثم كيفية الطبخ بكميات مناسبة، وبعدها كيفية استخدام فائض الطعام في طبخات مختلفة، وأخيرا كيفية حفظ الطعام بأمثل الطرق. مجهود كبير قامت به صافولا، ولكن يجب على الجميع المشاركة سواء الأفراد أو الشركات في تغيير عاداتنا الغذائية اللامسؤولة، فسنن الله لا تحابي أحدا، وعقاب الإسراف والتبذير شديد، وعدم احترام النعم نذير شؤم. دفن رؤوسنا في التراب وإنكار المشكلة والإصرار على أنها بسبب الأغنياء والشركات الكبرى لن يحل المشكلة، يجب علينا أن نراجع حساباتنا، وأن نحرص على أن كل فرد فينا قام بواجبه حيال هذا الموضوع.



[email protected]