الفرص الجيدة في الحياة كثيرة فلا تقلق!

الجمعة - 31 مارس 2017

Fri - 31 Mar 2017

الناس في هذه الحياة نوعان، النوع الأول من يعتقد أن تفوقه وتميزه لا بد أن يقابله فشل وخسارة الآخرين، فالحياة بالنسبة له أشبه بمباراة كرة القدم، فلا بد من طرف رابح وطرف آخر خاسر، ولذلك يسعى دائما لأن يكون هو الطرف الرابح، وفي سبيل ذلك يبتكر الأساليب لإثبات فشل وخسارة الطرف المقابل له.

أما النوع الثاني فهو من يعتقد أن نجاحه ليس مرتبطا بفشل وخسارة الطرف الآخر، ويرى أن النجاح يتسع للجميع، فليس هناك مبرر لتتبع عثرات وأخطاء الآخرين ووضعها تحت المجهر وتضخيمها حتى يثبت فشلهم!

ستيفن كوفي تحدث في كتابه «العادة الثامنة» عن هذين النوعين، ويشير إلى النوع الأول بأنهم الأشخاص الذين يفكرون بـ «عقلية الندرة» والأنانية والكراهية. أما النوع الثاني فيُمثل الأشخاص الذين يفكرون بـ «عقلية الوفرة» والعطاء والاحترام المتبادل!

ويوضح أن عقلية الوفرة والعطاء والاحترام المتبادل تعني أنه بدلا من النظر إلى الحياة كمنافسة فيها رابح واحد أن تراها مصدرا خصبا مليئا بالفرص لك ولغيرك، فلا داعي لأن تقارن نفسك بالآخرين، بل أن تفرح عندما ينجح الآخرون، وأن تؤمن بأن هناك فرصا في الحياة تكفي الجميع، وأن في الحياة خيرا يكفي لجميع البشر، فلست بحاجة أن تخسر أحدا أو تؤذي أحدا حتى تكسب وتفوز أنت. فالذي يفكر بعقلية الوفرة تجده هادئا مطمئنا، لا تهدده نجاحات الآخرين، بل تراه يثني عليهم وعلى نجاحاتهم، ويشاركهم تجاربه ومعرفته!

أما عقلية الندرة والأنانية والكراهية فهي أن تؤمن أن الخير والفرص في هذه الحياة نادرة جدا، بمعنى أن الفرصة واحدة إما أن تكسبها أنت أو يأتي أحد غيرك ويفوز بها، ولا بد أن يكون هناك شخص خاسر، فالحياة كلها صراع وتنافس وعداوة مستمرة. إن الذي يفكر بعقلية الندرة يخاف أن ينجح الآخرون، ولا يشارك غيره فيما يعرفه من معلومات، لأنه يظن أن الآخر إذا نجح فسوف يخسر. يخاف أن يعلم الناس كيف طور ذاته حتى لا يأخذ أحد مكانه. الذي يفكر بعقلية الندرة يحدد هويته اعتمادا على المقارنة مع الآخرين، ويعتقد أن نجاح الآخرين يهدده، ومع أنه قد يتظاهر بعكس ذلك إلا أنه يشعر بغصة في قلبه عندما ينجح منافسه.

ويؤكد كوفي أن من يفكر بعقلية الوفرة يرى دائما أن الفرص كثيرة ومتكررة، أما من يفكر بعقلية الندرة فهو يرى أن ضياع الفرصة يعني ضياع مستقبله. غالبا ما يفكر الحاسد الأناني بعقلية الندرة، فهو ينظر للفرص التي تأتي للآخرين وكأنها الفرصة الأخيرة، أو أنها سبب في ضياع فرصته فيبدأ بالحسد والبغض والكره، بينما من يفكر بعقلية الوفرة والعطاء فهو يحب للآخرين ما يحب لنفسه، ويتمنى التوفيق والنجاح للجميع. إن من يفكر بعقلية الوفرة تجد للحياة والعمل معه متعة وسعادة، فهو يسعى لمنفعة من يعرف ومن لا يعرف، بينما صاحب عقلية الندرة والأنانية بخيل يسعى لصالح نفسه فقط.

إن التفكير بتحقيق المنفعة للجميع والسعي لفهم الآخرين أولا ثم السعي إلى أن يفهموك هو إطار ذهني وقلبي يدفعك إلى تحقيق المنفعة المتبادلة والاحترام المتبادل في تعاملاتك مع الآخرين كلها. إنه تفكير الوفرة والفرص الكثيرة، وليس الندرة والمنافسة المضادة. إنه عكس التفكير الأناني (أنا أربح – أنت تخسر)، أو أن تلعب دور البطل (أنا أخسر – أنت تربح). إنه التفكير بطريقة (نحن) وليس (أنا). والسبيل إلى تجاوز منظومة تفكير (أنا أربح – أنت تخسر) هو أن ترتقي عقليا وعاطفيا إلى مرحلة يكون فيها حرصك على تحقيق الربح للطرف الآخر لا يقل عن حرصك على تحقيق الربح لنفسك. معظم الأشخاص قد تربوا على طريقة المقارنة السلبية مع الآخرين في المنزل، والمنافسة مع الآخرين في المدرسة أو في مجال العمل. هذه التربية السلبية تنمي عقلية الندرة، بحيث يصبح من الصعب على كثير من الأشخاص أن يشعروا بالسعادة الحقيقية لنجاح الآخرين!

أخيرا.. هاتان الطريقتان في التفكير والتعامل مع الآخرين «عقلية الوفرة وعقلية الندرة» لا تطبقان في مجال الأعمال فقط، بل في كل تفاصيل حياتنا، فاختر لنفسك ما شئت منهما!