عبدالمطلوب مبارك البدراني

حطام الدنيا

الثلاثاء - 21 مارس 2017

Tue - 21 Mar 2017

معنى الحطام هو ما تكسر من الشيء، وحطام النبات ما يبس منه وأصبح هشيما تذروه الرياح، وحطام الدنيا: متاعها، ما فيها من مال كثر أو قل لأنه يفنى ولا يبقى، وقد حذر – سبحانه وتعالى - من فتنة الأموال والأولاد، فقال تعالى «إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار»، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتسم على لسانه نظرته إلى الدنيا بقوله «مالي وللدنيا! إنما مثلي ومثل الدنيا: كمثل راكب قال في ظل شجرة، ثم راح وتركها»، رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه الألباني. ولكثرة مشاغل الدنيا وأعمال الحياة. وحث -عليه الصلاة والسلام- على الاستعداد ليوم الرحيل والتزود للدار الآخرة، فقال «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» رواه البخاري. وقال الشاعر: ما زخرف الدنيا وزبرج أهلها إلا غرورا كله وحطاما.

من هنا أبدأ، قد أشغلت الدنيا كثيرا من الناس، وأصبح الكثير عبيدا لها لا هم لهم إلا جمعها بأي طريقة كانت، تهافتوا عليها وانكبوا على جمع حطامها من حلال وحرام وما ذلك إلا استدراج لهم والعياذ بالله قد تعلقوا بالدنيا الزائفة، وكثر لهثهم وراء المادة، فإن ذلك ربما يصرفهم عن الطاعة، والعبادة، وعن تأدية الواجبات في وقتها.. قال صلى الله عليه وسلم «اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا، ولا يزدادون من الله إلا بعدا» رواه الحاكم. ومن دون شك أن جمع الدنيا بحلال وصرفه في الحلال عبادة أمرنا بها ديننا الحنيف نتقرب بها إلى الله جل وعلا، أما إذا كانت من حرام فبئس والله هذا الكسب فهي زادنا إلى النار والعياذ بالله، وقد قيل للحسن: يا أبا سعيد: من أشد الناس صراخا يوم القيامة؟ فقال: رجل رزق نعمة؛ فاستعان بها على معصية الله.

ولا شك أن من استعان على الدنيا بالطاعة والعبادة، فإنه في خير عظيم، يتصدق منها، وينفق على المحتاجين، ويساهم في نشر العلم في كل مكان، وبناء المساجد، وينفق الأموال في أوجه الخير ويؤدي زكاة هذه الأموال. وهذه نعمة من الله جل وعلا له أن وجهه لاستعمال هذا المال فيما ينفعه في آخرته. قال عبدالله بن عمر: إن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن.. وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه، كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه، فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها. والناس في هذا الزمن تتكالب وتتصارع على هذه الدنيا الزائلة يفقد البعض دينه وينسى الكثير صلة رحمه وأبناءه، وانتشرت بينهم الأحقاد، وزرعت الدنيا وحبها بينهم الضغائن، وعمت البغضاء وتفرق الإخوة والأقارب وأبناء العم، وكل ذلك بسبب حطام الدنيا.