مهنة الطوافة وأولويات التطوير
الأحد - 19 مارس 2017
Sun - 19 Mar 2017
بدأت هذه الثلاثية عن مهنة الطوافة بالحديث عن أهمية العلاقة الحميمية والمباشرة بين المطوفين والحجاج وأثرها على أداء الخدمات التي يقدمها المطوف وتقدمها الجهات الحكومية للحجاج في جميع حلقات سلسلة الخدمات وجميع مراحل رحلة الحج.
فالمطوف هو الأكثر التصاقا بالحاج وهو حلقة الوصل الأقوى بينه وبين جميع الجهات التي تقدم خدماتها له وبالأخص في أيام المشاعر التي هي قلب أعمال منظومة الحج وهي الأكثر حراجة بسبب حدودها المكانية وتوقيتاتها الزمانية المحدودة.
ثم تحدثت عن تنظيمات مهنة الطوافة والتي فرضتها طبيعة أعمال الحج وجعلت المهنة محصورة في أهل الخبرة والمعرفة بلغات الحجاج وطبائعهم وثقافتهم ومتطلباتهم عبر مئات السنين من أجل خدمة أفضل للحجاج وتفاديا لأي إرباك في أعمال الحج.
واليوم أود الحديث عن أولويات التطوير للمهنة التي شهدت تطورات عديدة عبر القرون الماضية.
ومهنة الطوافة هي مهنة فريدة في مجال صناعة الخدمات -إن جازت التسمية- كونها تحمل البعد الديني مع البعد الخدماتي.
ومن خلال قراءاتي حول التجارب المماثلة للحج حول العالم اكتشفت أن هناك، واستنادا للمنظمة العالمية للسياحة الدينية World Religious Travel Association (WRTA)، أكثر من ثلاثمائة مليون سائح يقومون برحلات إلى أماكن مقدسة سنويا، ووجدت أن هناك خصائص ودوافع متشابهة ومشتركة بين الحجاج المسلمين وحجاج الأديان الأخرى إلى الأماكن المقدسة، فهم على سبيل المثال خليط من الأفراد ذوي الأعمار المتوسطة وكبار السن ومن مختلف الطبقات الاجتماعية ولا يهتمون بخدمات ذات مستوى عال، لكنهم يفضلون الأمن، النظافة، الراحة، والبيئة اللطيفة، ويريدون وكيل سفر صاحب سمعة، ولكنه متخصص في الحج -وهو المطوف عندنا- إنهم يريدون قائد رحلة ماهرا يشاركهم معتقدات دينهم ومذهبهم، يتطلعون إلى عناية خاصة لتعزيز الأجواء الدينية خلال الرحلة، بحيث يجب أن يكون كل صوت، لون، طعم، ورائحة يجعل الحجاج يشعرون أنهم أقرب إلى الله. وهنا يتم التأكيد على ما سمي في دراسات علمية غربية بالدوافع المختلطة (الهجينة) للدين والسياحة في تنظيم خدمات الحج إلى الأماكن المقدسة.
ومن هنا علينا عند التفكير في تطوير مهنة الطوافة أن نوجه عناية متوازنة إلى تطوير البعدين الديني والخدماتي في الحج؛ والتنبه إلى أن تطوير البعد الديني يدعم بالضرورة تطوير البعد الخدماتي، وأن إحياء العلاقة المباشرة والتواصل المستمر بين الحجاج والمطوفين من ركائز الارتقاء بمستوى الخدمات وتحقيق مستويات أعلى من رضاء الحجاج.
الملاحظ أن برامج تطوير الخدمات في مهنة الطوافة خلال مرحلة المؤسسات التي انطلقت عام 1402 لا تولي العلاقة المباشرة بين الحجاج والمطوفين ما تستحقه من اهتمام، واكتفت بالتنسيق والتواصل مع ممثلي الحجاج من بعثات وشركات فضعف البعد الديني في منظومة الخدمات وتباطأ تطورها.
إن عناية خاصة وجهودا حثيثة تبذلها الجهات الحكومية من أجل تطوير مهنة الطوافة من أجل تمكين الحجاج من أداء مناسكهم براحة واطمئنان. وشأن هذه الجهود شأن غيرها أنها قد تحقق نتائج غير تلك التي تستهدفها بسبب إغفال عوامل هامة ومؤثرة، أو أنها توجه اهتمام المعنيين نحو وجهات غير مقصودة، ويحضرني عنوان مقال: (بطاقة النتائج المتوازنة.. المقاييس تقود الأداء)، وهو ما يؤكد أن مقاييس التطوير لمؤسسات الطوافة سوف تقود سلوك وأداء العاملين فيها، فلو تم اعتبار المنافسة المالية بين مكاتب الخدمة الميدانية من برامج التطوير لمؤسسات الطوافة، فإن عناية كبيرة سوف تتجه للمعايير المالية على حساب المعايير الخدماتية والدينية، ولو اعتبر التطوير في تنويع موارد مؤسسات الطوافة من خلال الاستثمار في غير نشاطها الأساسي فسوف يتم سحب اهتمام وجهود المؤسسات بعيدا عن نشاطها الأساسي وهو ما سوف يؤدي عن غير قصد وخلافا للمستهدف من التطوير إلى تراجع مستوى ما تقدمه من خدمات.
وعليه، فإن أي تطوير لمهنة الطوافة يجب أن يتأسس على دعامتي الدين والخدمة، وبعبارة أخرى دارجة (حج وبيع سبح) وأن يأخذ في الاعتبار أهمية التواصل المباشر بين الحجاج والمطوفين.
والله الموفق.
[email protected]
فالمطوف هو الأكثر التصاقا بالحاج وهو حلقة الوصل الأقوى بينه وبين جميع الجهات التي تقدم خدماتها له وبالأخص في أيام المشاعر التي هي قلب أعمال منظومة الحج وهي الأكثر حراجة بسبب حدودها المكانية وتوقيتاتها الزمانية المحدودة.
ثم تحدثت عن تنظيمات مهنة الطوافة والتي فرضتها طبيعة أعمال الحج وجعلت المهنة محصورة في أهل الخبرة والمعرفة بلغات الحجاج وطبائعهم وثقافتهم ومتطلباتهم عبر مئات السنين من أجل خدمة أفضل للحجاج وتفاديا لأي إرباك في أعمال الحج.
واليوم أود الحديث عن أولويات التطوير للمهنة التي شهدت تطورات عديدة عبر القرون الماضية.
ومهنة الطوافة هي مهنة فريدة في مجال صناعة الخدمات -إن جازت التسمية- كونها تحمل البعد الديني مع البعد الخدماتي.
ومن خلال قراءاتي حول التجارب المماثلة للحج حول العالم اكتشفت أن هناك، واستنادا للمنظمة العالمية للسياحة الدينية World Religious Travel Association (WRTA)، أكثر من ثلاثمائة مليون سائح يقومون برحلات إلى أماكن مقدسة سنويا، ووجدت أن هناك خصائص ودوافع متشابهة ومشتركة بين الحجاج المسلمين وحجاج الأديان الأخرى إلى الأماكن المقدسة، فهم على سبيل المثال خليط من الأفراد ذوي الأعمار المتوسطة وكبار السن ومن مختلف الطبقات الاجتماعية ولا يهتمون بخدمات ذات مستوى عال، لكنهم يفضلون الأمن، النظافة، الراحة، والبيئة اللطيفة، ويريدون وكيل سفر صاحب سمعة، ولكنه متخصص في الحج -وهو المطوف عندنا- إنهم يريدون قائد رحلة ماهرا يشاركهم معتقدات دينهم ومذهبهم، يتطلعون إلى عناية خاصة لتعزيز الأجواء الدينية خلال الرحلة، بحيث يجب أن يكون كل صوت، لون، طعم، ورائحة يجعل الحجاج يشعرون أنهم أقرب إلى الله. وهنا يتم التأكيد على ما سمي في دراسات علمية غربية بالدوافع المختلطة (الهجينة) للدين والسياحة في تنظيم خدمات الحج إلى الأماكن المقدسة.
ومن هنا علينا عند التفكير في تطوير مهنة الطوافة أن نوجه عناية متوازنة إلى تطوير البعدين الديني والخدماتي في الحج؛ والتنبه إلى أن تطوير البعد الديني يدعم بالضرورة تطوير البعد الخدماتي، وأن إحياء العلاقة المباشرة والتواصل المستمر بين الحجاج والمطوفين من ركائز الارتقاء بمستوى الخدمات وتحقيق مستويات أعلى من رضاء الحجاج.
الملاحظ أن برامج تطوير الخدمات في مهنة الطوافة خلال مرحلة المؤسسات التي انطلقت عام 1402 لا تولي العلاقة المباشرة بين الحجاج والمطوفين ما تستحقه من اهتمام، واكتفت بالتنسيق والتواصل مع ممثلي الحجاج من بعثات وشركات فضعف البعد الديني في منظومة الخدمات وتباطأ تطورها.
إن عناية خاصة وجهودا حثيثة تبذلها الجهات الحكومية من أجل تطوير مهنة الطوافة من أجل تمكين الحجاج من أداء مناسكهم براحة واطمئنان. وشأن هذه الجهود شأن غيرها أنها قد تحقق نتائج غير تلك التي تستهدفها بسبب إغفال عوامل هامة ومؤثرة، أو أنها توجه اهتمام المعنيين نحو وجهات غير مقصودة، ويحضرني عنوان مقال: (بطاقة النتائج المتوازنة.. المقاييس تقود الأداء)، وهو ما يؤكد أن مقاييس التطوير لمؤسسات الطوافة سوف تقود سلوك وأداء العاملين فيها، فلو تم اعتبار المنافسة المالية بين مكاتب الخدمة الميدانية من برامج التطوير لمؤسسات الطوافة، فإن عناية كبيرة سوف تتجه للمعايير المالية على حساب المعايير الخدماتية والدينية، ولو اعتبر التطوير في تنويع موارد مؤسسات الطوافة من خلال الاستثمار في غير نشاطها الأساسي فسوف يتم سحب اهتمام وجهود المؤسسات بعيدا عن نشاطها الأساسي وهو ما سوف يؤدي عن غير قصد وخلافا للمستهدف من التطوير إلى تراجع مستوى ما تقدمه من خدمات.
وعليه، فإن أي تطوير لمهنة الطوافة يجب أن يتأسس على دعامتي الدين والخدمة، وبعبارة أخرى دارجة (حج وبيع سبح) وأن يأخذ في الاعتبار أهمية التواصل المباشر بين الحجاج والمطوفين.
والله الموفق.
[email protected]