الرتويت لا يعني الموافقة

السبت - 18 مارس 2017

Sat - 18 Mar 2017

بعد مقالتي السابقة عن جريمة التشهير وجه إلي سؤال عن الرتويت، وحكم إعادة التغريدة المجرمة في القانون.

في البداية دعونا نعرف مصطلح (رتويت) حتى نستطيع الحكم عليه: لقد عرف الموقع الرسمي في تويتر الرتويت في صفحة (مسرد المصطلحات) بأنه «عبارة عن مشاركة تغريدة مستخدم آخر مع كل المتابعين»، وبهذا يعد إعادة التغريدة مشاركة لمضمونها مع المتابعين.

وبما أننا نتحدث عن جريمة، فالمشاركة في الجريمة لديها ضوابط تبين متى تكون المشاركة جريمة.

لقد أسهب القانون في بيان وتوصيف المشاركة في الجريمة، أو ما يطلق عليه بالمساهمة في الجريمة لدى القانونيين، فالقانون جعل الاشتراك على نوعين: اشتراك مباشر، واشتراك بالتسبب، وجريمة الرتويت للفعل المجرم دائما وغالبا ما تكون اشتراكا مباشرا، وذلك لعدم توفر أركان الاشتراك بالتسبب، وهو القصد الجنائي، والاتفاق السابق، والتي قد لا تتوافر غالبا في جريمة الرتويت.

لذا وبيانا على ما تقدم يتضح أن من يعيد نشر تغريدة مُجَرّمة يعد مشاركا مباشرا للفاعل الأصلي، عن طريق التعاقب، أي إن المشارك قام بإحداث فعل إجرامي بعد انتهاء الفاعل الأصلي من الفعل.

فمن قام برفع مقاطع إباحية على تويتر، فإن فعله يعد جريمة، وكذلك من قام بإعادة التغريدة، كونه مشاركا له، وفاعلا لنفس الجرم المعاقب عليه، فقصد فعل الجريمة متجل في هذه الحالة.

غير أنه قد يكون القصد الجنائي غير واضح في بعض الحالات الأقل حدة من المثال السابق، والتي قد تكون بحسن النية، أو لعدم معرفة المغرد بالقانون، كأن يقوم المغرد بإعادة تغريدة فيها سب وقذف ومساس بخصوصية شخص ما، فهل يمكن مساءلته قانونيا هنا أم لا؟

إن هنالك أمورا يجب علينا ألا نغفل عنها، وهي أن القانون لا يعذر بجهله، ولكن قد يكون الجهل عذرا لتخفيف العقوبة، لا عذرا للإعفاء من العقوبة.

وذلك لأن الفعل الأصلي مجرم، والقيام بإعادة الفعل جرم كذلك، وحتى لو كان على سبيل فضح الفاعل وبيان خطورة فعله، فقد يكون الجرم خافتا لا يعلم به أحد وينتشر بسبب إعادة فعله.

أخيرا:

إن إعادة تغريدة مجرمة (وفقا للقانون) لا تعفي صاحبها من المسؤولية، حتى ولو كان لا يعلم، وعبارة (الرتويت لا يعني الموافقة) من أكبر الأخطاء التي لا تعفي صاحبها من العقاب، وينطبق على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى كذلك ما ينطبق على تويتر.