أسامة يماني

الأجانب وقواعد اللغة العربية

السبت - 11 مارس 2017

Sat - 11 Mar 2017

الذين وضعوا قواعد اللغة العربية هم الموالي، وكما جاء في الأخبار أن أول من وضع النحو هو أبو الأسود الدؤلي، وذلك بسبب أن ابنته قالت ما أجمل السماءِ فقال النجوم! فأخبرته أنها تقصد التعجب أي ما أجمل السماءَ، فذهب إلى الصحابي الجليل أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه، فأشار إليه أن ينحو بأن الكلام اسم وفعل وحرف، ولهذا سمي علم النحو من كلمة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وذهب آخرون إلى أن أبا الأسود الدؤلي وضع التشكيل فقط، وذهب البعض إلى أن أول من وضع قواعد اللغة العربية ووضع ضوابط الإعراب هو أبو إسحاق الحضرمي في عام 117 للهجرة، وهذا ما ذهب إليه الأستاذ شوقي ضيف عضو مجمع اللغة العربية.



والحقيقة أن دخول غير الناطقين بالعربية وتوسع الفتوحات الإسلامية كانا سببا في ظهور اللحن في اللغة العربية، لهذا ظهرت محاولات من العديد من المتقدمين مثل أبي الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي أستاذ عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه. قال الذهبي «إمام النحو، حجة العرب، الفارسي، ثم البصري، قد طلب الفقه والحديث مدة، ثم أقبل على العربية، فبرع وساد أهل العصر، وألف فيها كتابه الكبير الذي لا يدرك شأوه فيه. قيل فيه مع فرط ذكائه حبسة في عبارته» بمعنى أنه لم يكن مفوها فصيحا على عكس قلمه حيث كان قلمه فيه انطلاق. ومما تقدم يظهر لنا أن قواعد اللغة العربية وضعت لغير الناطقين بالعربية فالعرب يعرفون لغتهم بالسليقة.



وتفريعا على ما تقدم يظهر لنا أن النحو والقواعد العربية وضعت لغير الناطقين بالعربية، ومع ذلك فإن كليات وأقسام اللغة العربية في الجامعات العربية لم تقم بمحاولات لتطوير وتحديث القواعد وضبطها، لأن هنالك قناعة بكمال قواعد اللغة العربية لدى أكثر أهل الاختصاص في اللغة العربية بكافة فروعها من شعر ونثر وأدب وقواعد، وكل ما يدور بفلك اللغة من علوم، وذلك يرجع لعدة أسباب منها العاطفية والحمية وتقديس القديم، لذا فالخوف أن يتسبب عدم الحراك في تطوير قواعد اللغة أن يقوم غير العربي أو غير الناطقين بها من جديد بإجراء التغيرات اللازمة لكي تتواكب قواعد اللغة مع روح العصر.



التحديات التي تواجهها اللغة العربية عديدة من كافة الأوجه، وعلى العديد من الأصعدة من تأليف وبحث وتعليم وإعلام واتصال، ومن هذه المظاهر كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية. وغياب التشكيل في النصوص العربية أحد الأسباب الرئيسية في كثير من الأخطاء حيث تمثل تحديا حقيقيا أمام برمجيات وخوارزميات التعامل الآلي معها، سواء في الترجمة الآلية بين اللغات والتي سوف تزيل حاجز اللغات بين البشر. ويذهب الدكتور خالد الغمري إلى أن حجر الأساس يكمن في عملية إنتاج دراسات للغة العربية تغذي برمجيات تحليلها آليا.



إن الركون والاعتماد على جمال اللغة العربية وتفاعلها الغني ودلالاتها الهائلة يشكلان تحديا حقيقيا وعقبة في طريق تطويرها ونقد قواعدها وإعادة النظر فيها وتطويرها لكي تتماشى مع روح العصر، فهذا الغنى والثراء جعلا أكثر وأعم أهل الاختصاص مأخوذين بها لدرجة الركون وعدم الشعور بالخطر والتحديات التي تواجهها اللغة العربية وتجعل البحث في قضايا اللغة العربية من المحرمات. كل ذلك يؤدي إلى غياب الابتكار عند المهتمين باللغة العربية وآدابها.



osamayamani@