أسئلة الكتابة الخمسة: خالد الصامطي

السبت - 11 مارس 2017

Sat - 11 Mar 2017

يتصف الكاتب بالحيرة، ويتصف "خالد الصامطي" باليقين، يقين الكلام، يقين اللغة، ويقين الكتابة. الأبواب التي تشرع في وجه "الصامطي" تشبه الريح الراكضة، الآتية من كل مكان، ولأي مكان.



هذا ما يفعله خالد بالكتابة و ما تفعل به، وفي هذا الحوار يتحدث خالد بلغته الخاصة والأخاذة عن الكتابة:



ماذا تكتب؟

أكتب ما أتمكن من تحليله، وكثيرا ما أبحث في الحياة عما لم يكتب، وحين أجده، أحاول البحث عن ثغرة برمجية، لأكتبه. أكتب كل ما أتمكن من سرده في قصة، أو مقال، أو نص بلا هوية يحتاج إلى مستقبل كي ينحاز إلى نوع. أكتب السفر، وأكتب العودة، أكتب البؤس، الصراع، المرارة، اليأس، الكفاح، الأمل، أكتب المعرفة وأكتب الجهل، أكتب الأشخاص في الشارع، وأكتب أولئك الذين لا نجدهم سوى بين دفتي كتاب. ببساطة، أكتب الحوار الصامت في مخيلة شخص عالق في زحمة سير في مدينة مكتظة بالأحلام.



لماذا تكتب؟

لماذا أكتب؟ سبق وأن أجبت على هذا السؤال بهذه الطريقة، أستطيع أن ألعب لعبة الذكاء وأسألك كإجابة على سؤالك، لماذا يغوص السمك؟ ولماذا تحلق الطيور؟ أستطيع أن أقول لك إنني أكتب لأن لساني جاف جدا، وأن الكلمات تيبس في حلقي ثم تتكوم ككرة شعر وألفظها كحشرجة يصعب تفكيكها، أستطيع القول أن الحياة أصعب بلا كتابة، وأن البؤس، السعادة، الحقد، الشوق، الشك واليقين وجميع ما أشعر به كل يوم يمكن أن يتحول إلى راقصة تحيي حفلة أعزب يودع وحدته حال الكتابة، وربما أخبرك أن أشياء كثيرة غامضة تحدث وتحتاجني كي أوضحها. أستطيع أن أقول إن عالمنا مصنوع من اللغة والحياة قصة، أو أن اللغة هي الحياة، أو أن اللغة، إذا توقفت، يجمد الوقت وينتهي العالم.



أستطيع أن أخبرك أنني أصل إلى مرحلة من الثقة بحيث أمسك بأذن الفكرة وأجرها خلفي وأدلها على مكانها بين السطور عوضا من أن تقودني.



أستطيع أن أشِعرن أسباب الكتابة لدي كي تبدو فعلا لا أتمكن من العيش بلا حدوثه، وأخبرك بأشياء مريعة يمكن أن تحدث إذا لم أكتب، ولكن، وبكل بصدق، متخلصا من غرور اللحظة، أنا أكتب لأنني أستطيع، وأستمتع كثيرا بالكتابة.



لمن تكتب؟

لكل من يتقن القراءة، للتاريخ، وللكائنات الفضائية التي قد تحط على الأرض مستقبلا في رحلة استكشافية بحثا عن أي أثر لبقايا حضارة بشرية بائدة.



متى تكتب؟

لو سئلت قبل خمس سنوات لتمكنت من الإجابة بشكل محدد، وقد أجيب بدرجة عالية من الدقة بحيث أصف الوقت والمكان ورائحة الأشياء من حولي وأنا أكتب. ولكننا الآن لسنا قبل خمس سنوات. فقد اضطر الكاتب بي أن يتصالح مع أي وقت يسمح له فيه بالكتابة. عندما أعلق قميص الأب المعيل والموظف الكادح، ويوافيني مزاج الكاتب، أكتب. المؤسف، أنني قليلا ما أتمكن من خلع ذلك القميص.



كيف تكتب؟

بأصابعي على لوحة المفاتيح، بإبهامي على شاشة الهاتف الذكي، وبالقلم من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين على الورق، وبمخيلتي على الذاكرة، وهذه الأخيرة، هي الكتابة الأكثر مؤخرا والأجمل. النصوص العظمى هي تلك التي تعشعش في مخيلة الكتاب، القصص التي لم ترو بعد، القصائد التي لم تلق والصور الأجمل التي لم تحمض.