في التجديد الفقهي

الخميس - 09 مارس 2017

Thu - 09 Mar 2017

الفقيه.. هذا الملام على أمر الدنيا والدين في كل زمان، وعند كل الناس، وكأنه هو الذي على ظهره يقع كل الأمر، وعلى سواه تكون توافه الأمور وصغارها.. من هو؟ وهل يحق لنا هذا اللوم الذي ننهال به كله عليه؟

ثم إن الفقه، ما هو الفقه؟ إنه الجسر الذي يوصل بين ثابتين ومتغير، ولنفرض أن هناك نهرا له ضفتان، على إحداهما القرآن والسنة، وهما ثابتان، فلا آية تزيد في المصحف، ولا حديث ينقص من السنة، وفي الضفة الأخرى أحوال الزمان وتغيراته، وإن الفقه لهو الجسر الذي يوصل بين هاتين الضفتين، وبانيه هو الفقيه!، فإن كان الباني مضطرب الصنعة كان مبناه مخلخل الأركان، وزادت الفجوة معه بين الثابت والمتغير، وإن كان صالحا حسنا، كان خير الجسور وأحسنها، وصار مضرب المثل في التعايش والتجديد، كما كان جسر أبي حنيفة والشافعي من بعده، وغيرهما من أئمة التجديد وأساطين الفقه.

وعلى هذا، فإن صاحب الفقه ذو حمل، وإن أردأ ما يجني به الفقيه على فقهه أن يكون محدثا - يحذو حذو علماء الحديث وهو النقل والتحقيق في النقل دون استنباط لحكم - وينسى أنه فقيه، فيغدو ناقلا، لا مجددا، ولست هنا أقول إن على كل فقيه أن يكون مجددا، لا.. فالفقه بحر وكل فيه سابح على قدر ما يسر له الله، ولكن لا يكون السواد الأعظم من أهل هذا الجسر العظيم مجردين من أجمل ما وجد له هذا العلم، ألا وهو التجديد، فهم إن صلحوا صلحت صلة الناس بكتاب ربهم وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن صلحت هذه صلحت لهم الدنيا والآخرة.