أخطاؤهم كأخطائنا

الخميس - 09 مارس 2017

Thu - 09 Mar 2017

لست من هواة الرد والمشاركة في نقاشات جماعية وجدل نتائجها محسومة، فالإنسان يحب الجدل ولا يحب الاقتناع، ويفضل التحدث ويكره الاستماع، ولست ممن يكلف نفسه عناء الدفاع عن الآخرين والذب عنهم مع أني أطيق ذلك إلا أني أحمي نفسي من التبعات والعتابات.

لكني وجدت أني أتخلى عن هذه العادة الحميدة وأقتحم نقاشا ادعى فيه أحد المتحمسين الثائرين بجمل متتابعة ونبرة متعجلة بالكاد يلتقط أنفاسه معها بأن فلانا لا يساوي (حذاء) الشيخ فلان في نزع لآدميته التي أكرم بها، وأن كسفا من السماء ستمطر على رؤوس الناس أو سيطبق عليهم الأخشبان أو سينقلب علو الأرض إلى سافلها لولا وجود (المشايخ) الذين يشيعون الفضائل وينشرون الدين ويسعون في الأرض صلاحا، فهم السور المتين والحصن

الحصين.

وتخصيص المدح لفئة تيسر لها حظ الظهور الإعلامي دون غيرهم وإكرامهم بالثناء والتنزيه ظلم شمولي لبقية البشر، وهو بالضرورة ذم للآخرين واتهام لهم بالخبث والرداءة والانحراف والضلال واتباع الهوى ومهادنة الشياطين ومخالفة أصل البشر الطبعي.

النقد دواء فعال لداء الخطأ الملازم للحياة، والعتاب سلوك إلهي وقد عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم في حادثة الأعمى وأنزل فيها قرآنا يتلى، وسلوك نبوي إذ عاتب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في مواطن عدة تقويما لسلوكهم وتذكيرا لهم ببشريتهم، وسلوك بشري لكن البعض يرفض ممارسته ويتنازل عن حقه فيه، فهم يعتقدون أن سباب (المطوع) فسوق تأليه البشر الذين لم يوح إليهم بشيء، وإعلاؤهم فوق منازلهم فعل جاهلي وخطر عقيدي وإضلال لهم وفتنة لدينهم ربما ترديهم إلى المهالك، والإقرار بنقصهم وتقصيرهم وبشريتهم إقرار بالكمال الإلهي والتمام الرباني، وتخطئة طالب العلم ليست تخطئة للعلم الذي يحمله أو معاداة له أو تشكيكا في صحته، وإنما تنزيها له وحفظا لمحاسنه من مساوئ

الخطأ.