عبرات الذكريات

الجمعة - 03 مارس 2017

Fri - 03 Mar 2017

ما منا أحد إلا وله ذكرى وجدانية اشتعلت فيها قناديل الأماني والآمال، وخالطت عبيرها دقة المشاعر ولذة الأحاسيس، وجملت أنقى أيامها براءة الطفولة والصبا، ونقشت مجمل فصولها عنفوان الرجولة وطيش الشباب، تلك التقلبات العمرية من شريط الذكريات طوت صفحاتها تجاعيد السنين لتتجلى في أحايين كثيرة فتصنع نسيجا يرسم صورا لأبعاد الطيف من قاموس تلك الذكريات.

ومع تثاقل خطى الزمن وتقاعس عتبات السنين تبقى الملامح الأولى في حزمة تلك الذكريات هي المتنفس الأرحب لفسحة الحاضر، ونافذة أمل لسمفونية الماضي التي ينثر منها وفيها بقايا الهموم، وخلجات تلك الذكرى المشبعة بالآلام والجروح وبالأفراح والأتراح، معا في رحلة لعمق الخيالات التأملية في مجريات ومواقف عشوائية المشهد، بالية المضمون، تغيب عنها كل القواعد الزمانية وتنعدم فيها جل القيود المكانية فلا ترتيب زمنيا للأحداث ولا تسلسل للوقائع أو الخواطر.

هذه القراءات المتداخلة والمتراكمة داخل مخيلة الإنسان ولدت لتدغدغ فيه المشاعر تارة وتفيض منه غزارة الآهات والزفرات تارات أخرى، مع بعض من الأنين والتحنان والشوق المشحون بأقسى العبرات، ولعل ألطف ما في تلك اللحظة العفوية هي تلك التي يحاول فيها المرء إدراك معظم الحلم وتحليل لغزه وفهم طلاسم رؤياه؛ كي يبلغ نشوة استذكار أدق التفاصيل فيها، مع استعراض كامل المسيرة، وفي ثنايا سبر زوايا أغوار تلك الذكرى تتلاشى ملامحها المعتمة الألوان، على أمل استذكار ذكرى أخرى تفرضها حالة الإنسان النفسية.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال