الوهم المجتمعي

الأربعاء - 01 مارس 2017

Wed - 01 Mar 2017

«قرأت عن قصة في مقال للكاتبة أسماء عبداللطيف فألهمتني كتابة هذا المقال».

اشتهر في مدينة القضارف «شرق السودان» شخص يدعى «الفكي أبونافورة» وقصته ترجع إلى عام 1967عندما ضرب الجفاف المدينة واتجه أبناؤها إلى البحث عن المياه الجوفية وبدؤوا بحفر بئر، وكانت المفاجأة بعد أن حفر المهندسون عميقا أن اندفعت المياه بضغط عال إلى عنان السماء ففروا خوفا، إثر ذلك انتشرت إشاعة بين السكان أن مفجر هذا البئر هو الشيخ «الفكي أبونافورة»، وأن هذه المياه تعالج الأسقام.

وهذا هو ما نعاني منه اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي التي أوقعتنا في وهم النجومية، وأن كل من يخرج نجما فيها تقام له الاحتفالات ويقدم للجماهير الغفيرة بهذه النجومية، ويرون أنه يستحق صعود المنصة ليتحدث، فيصبح المثل الأعلى لأبنائنا، ومنهم من اقتحم مجال التدريب وروج لهم، فـ»بعد التهريج يذهب إلى التدريب».

وحينما نعلم أن هناك أحكاما مسندة إلى القوة الوهمية وهي الإدراك العرضي الأرسطي الذي يربطه ابن سيناء بالقوة الوهمية، لكي يوسع فكرة المعاني لتشمل أي خاصية والتي أثناء حملها إلى (العضو) المدرك بأي قوة حسية لا تؤثر على أي عضو من أعضاء الحس عند وقت الحكم، فمثلا نرى ذلك الشي الأصفر هو عسلا حلوا، أي نرى الأشياء خلاف الواقع.

وهذا هو ما نشاهده اليوم، فأتاحت مواقع التواصل الاجتماعي للكثير من الناس نشر الأفكار والتعليقات التي تنم عن جهل كبير، ويصدقها الكثير، فبعض التعليقات تخرج عن دائرة الأدب.

وقيل: أيضا إنها تنمي الإبداع وهذه وسائل تعتمد على تشجيع ردود الفعل السريعة التي تجعلك متأهبا للمشاركة بسرعة في أي حدث سلبيا أم إيجابيا طلبا للشهرة.

نعم أدركنا أن ما نعيشه في ظل هذه الوسائل هو وهم، حينما تنتهي أي علاقة صداقة تحمل الود والتقدير، فأي موقف أو خلاف فـ(زر) هذه الوسائل يلغي علاقة كاملة فترجعك إلى واقعك فتدرك أنك كنجومية «الفكي أبونافورة».