أين نحن من تربية الأبناء؟

الأحد - 26 فبراير 2017

Sun - 26 Feb 2017

لفت نظري كثير من السلوكيات التي يمارسها المراهقون في مجتمعنا بمختلف أعمارهم؛ مما أثار في ذهني العديد من التساؤلات حول مدى علاقة الأسر بأبنائها، وحينما نظرت إلى أبنائي وأبناء المجتمع من حولي تبادر إلى ذهني سؤال كبير وهو: هل علاقتنا مع أبنائنا؛ رعاية أم تربية..!؟

أعي جيدا أن من قرأ بداية هذا المقال أجاب تلقائيا بأنها رعاية وتربية مجتمعة في آن واحد، لا بأس..! ولكني «أكاد أشك في نفسي» أولا، ثم في كل من يسارع إلى هذه الإجابة وتعليقها حائط صد على صدره، وأقول له أريدك أن تبادر قبل الإجابة إلى هذه التساؤلات لعلك تدرك حقيقة موقفك وتضع التقييم المناسب لعلاقتك بأبنائك؛ لتقوم بالتعزيز للجوانب الإيجابية المستحقة للتعزيز والاستمرار، وبالمعالجة للجوانب ذات القصور أو غير الموجودة.

أولا: هل تحرص على توفير أجود وأطيب الطعام والشراب لأبنائك؟ هل تسعى لتحسين مظهرهم بالمظهر اللائق أمام الآخرين بشراء أفضل الملابس ومستلزمات الهندام وأنسبها لطبيعة الطقس شتاء أو صيفا؟ هل تصطحبهم إلى المتنزهات ومدن الألعاب الترفيهية لتحقق سعادتهم في ألعاب الترفيه؟ هل تشاركهم وتساعدهم وتتابعهم في استذكار دروسهم وحل واجباتهم المدرسية اليومية؟ هل تحقق رغباتهم بالسفر للوجهة التي يرغبون بقضاء إجازاتهم والترويح عن أنفسهم بعد عناء عام دراسي؟

ثانيا: هل جلست يوما مع أبنائك وبينت لهم مفهوم العلاقات الإنسانية في المجتمع وأسسها السليمة بدءا من اختيار الصحبة وبناء العلاقة وتنميتها وطرق إنهائها حين الحاجة لذلك؟ هل وجهت اهتمامهم نحو الوجهة السليمة لبناء مستقبل وضاء، ووضعتهم في أول كل طريق لاستثمار أوقاتهم بما يعود عليهم بالفائدة، ويشغل فراغهم بما يحقق لهم مهارات إيجابية مختلفة (رياضية، اجتماعية، فنية، علمية، اقتصادية، حيوية، عقلية)؟ هل ناقشتهم في عقيدتهم ومبادئهم وقيمهم وطموحاتهم سعيا منك لغرس القناعات في نفوسهم بما يقتضيه الحال والمقام، ويجذر في قناعاتهم الفهم الحقيقي للحياة التي منحها الله لهم؟ هل حدثتهم عن القدوة الحسنة في كل مسار وكيفية اختيارها لتكون المثل الأعلى لهم في ذلك المجال، وكيفية التعامل مع هذه القدوة دون أن تؤثر على الجوانب الجميلة الأخرى في شخصياتهم؟ وحين يكون الحديث عن القدوة فمحمد صلى الله عليه وسلم هو القدوة الأولى في كل أمر، ولا بد أن يكون حاضرا في ذهن كل أب وأم ومرب عند الحديث مع أبنائهم، وما دون هذه القدوة العظيمة في تاريخ البشرية - التي يتوجب تمثلها في كل شؤوننا - هو محور حديثنا.

أخي الأب.. أختي الأم.. بعد إجابتك على التساؤلات السابقة ستدرك حقيقة علاقتك مع أبنائك، فإن تمحورت إجاباتك بالإيجاب عن الأسئلة المطروحة في الجزء الثاني من التساؤلات فأنت تقيم علاقة تربوية جيدة مع أبنائك قائمة على مبدأ التربية والنضج الفكري، وهذا واجب عليك يساعدك في تحقيقه المربون المخلصون والمجتمع السوي الصالح، وإن اقتصرت أجوبتك بالإيجاب على الجزء الأول فقط فما تقوم به لا يعدو أن يكون رعاية فقط، وعليك أن تعيد تقويم علاقتك داخل أسرتك لتقوم بدورك المنوط بك والذي ستحاسب عليه «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم».

ويبدو أن تحقيق ما ذهبت إليه استفساراتي «جميعها» مطلب وهدف سام، بل هو واجب يقع على عاتق كل أب وأم ومرب، يسعى إليه الجميع لإشباع الاحتياجات النفسية والفسيولوجية والفكرية والاجتماعية والروحية، انطلاقا من علاقة العبد بربه وفق منهج قويم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.