القذائف الفكرية ليست هي الحل
السبت - 18 فبراير 2017
Sat - 18 Feb 2017
لا شك أن السجن تهذيب سلوك، ووقف صارم لأي إنسان يسيء لنفسه أو لوطنه أو للمجتمع، أو حتى لدينه!
ولكن حين يخرج الشاب من عزلة السجن بجرائم أخلاقية واجتماعية؛ فإنه يواجه مشكلة (عويصة): كيف يغير نظرة مجتمعه المحيط به إلى الأفضل؟
والحل السحري: الذهاب أولا للحلاق ليحدد لحية الإيمان، ثم بعده للخياط لتفصيل ثوب القداسة القصير، ومن ثم احتلال جامع الحي في الإمامة؛ وهنا تصاب الجماهير بـ(زهايمر) حتى لو كان ماضي هذا الشاب مخدرات ومطاردات غرامية وسرقات.. إلخ!
يدخل من هنا عالم أهل الفضيلة والإيمان، يسمع من أحاديثهم أن المرأة خلقت للذة الرجل، وأنها (ماعز) في حظيرة الرجل، وأنها تجلب العار، وتقود بجسدها نار الآخرة! حتى لو كان هذا الكلام مجرد كلام عابر في جلسة عابرة، فتتكون لديه مجموعة تصورات: كيف أمنع هذا المجتمع من سلوكيات الماضي؟ وكيف أجعله يخاف عذاب الآخرة؟
فيبدأ بإلقاء محاضرات قصيرة بعد كل صلاة بالجامع، ومن ثم يدخل دائرة (قال لي أحد الإخوة)، ومن بعدها (يحدثنا أحد المشايخ)..
وبعد ذلك يبتكر سيناريوهات جديدة؛ حيث أصبح يتربع على كرسي أهل الصلاح والتقوى، ويسأل نفسه: لماذا أنقل تجارب الآخرين لجمهوري؟ لم لا أبتكر سيناريوهات خاصة بي في مساعدة الغارقين في لجج الخطايا للخروج من سكرات ومنكرات هذه الحياة التي سيرحلون عنها؟
ويبني عقله الباطن له فكرة (التفليم)؛ بحجة أن الكذب لإنقاذ شباب الإسلام دفع للمفاسد مقدم على جلب المنافع!
وهنا تبدأ هذه النماذج بطرق المجتمع مثل المسامير بالوعظ المفرط؛ كي يزدادوا يقينا بدخول جنة عرضها السماوات والأرض.
ولكن هل كل مشايخنا ودعاتنا هكذا؟
قطعا لا؛ فلا أحد ينكر ذلك، ولا حتى عاقل أن هذه النماذج زرعت في مراكز الهيئة بوفرة، والكارثة الكبرى أنهم دخلوا سلك التعليم لكن بقلة.
والسؤال الذي أريد أن يستشف من المكتوب آنفا: التميز بين الشكل، واعتناق أخلاق أهل الصلاح؛ هل هو كاف؟
نذهب إلى نموذج آخر؛ وهو «صاحب قناع التنوير، الذي يريد إحراق المجتمع من بعيد»، أو بلغة واضحة «الليبرالي المضحك» الذي لم يفهمها بالشكل الصحيح بعد، لكنه عرفها نتيجة الاختلاط مع روادها، ومن شدة التعمق بها عرفها أنها هي رقي أمة ومولد حضارة، لكنه من داخله غير مقتنع ولو بحرف بها؛ نتيجة محيطه وقبيلته وعائلته، وأعلن ميوله ضاربا عرض الحائط برجعيتهم وتخلفهم حسب حديثه من نفسه!
نموذج الواعظ الأول استخدم الدين لتطهير الماضي، والنموذج التنويري الآخر استخدم التيار الليبرالي ليصل نحو شاطئ أهدافه بحماقة فكره وصغر فهمه، وكلاهما خسر نفسه، وربما لم يخسر الأول شيئا، بل نال إعجاب الجماهير.
الذي أريد أن أصل إليه: أن تقاذف التهم، ونشر الصراعات الفكرية بين التيارات؛ ما هو إلا رغبة في فرض الرأي، وإحراج الطرف الآخر، وهكذا هي الحقيقة نتيجة الاستماتة الداخلية بكلا الطرفين: الواعظ، والتنويري، وكسب تصفيق الجمهور أولا!
هل يستحق الدين أن يتملق من خلاله بدوافع شخصية؟ وهل رفع غشاوة التقليدية، وتغيير وضرب معقل الخصوصية، وصهرها بهذا الشكل هي الحل؟
والسؤال الآخر: هل يستحق تغيير سلوكيات ساد عليها المجتمع سنين؟ من يعتقد أن تغريدة شاذة عن العرف وفرض رأي حداثي يغير حياة من جذعها فهو «أحمق وساذج»!
كلنا مثقفون وتنويريون، اعتناق تيار ليس بحد ذاته نجاحا، فضلا عن أن يكون انتصارا! الجيد يفرض نفسه حتى لو كان مخالفا؛ فالمهم أننا نأخذ بالمنطق، وليس استفزاز السائد ظنا من بعض هؤلاء «صعاليك الحروب الفكرية» تحريك تيه هذا اللوح الحجري قليلا، ورفع راية الانتصار بالشتم، والرأي الفج، وتجنيد المعرفات بمواقع التواصل لبث الفرقة الغبية!
ولكن حين يخرج الشاب من عزلة السجن بجرائم أخلاقية واجتماعية؛ فإنه يواجه مشكلة (عويصة): كيف يغير نظرة مجتمعه المحيط به إلى الأفضل؟
والحل السحري: الذهاب أولا للحلاق ليحدد لحية الإيمان، ثم بعده للخياط لتفصيل ثوب القداسة القصير، ومن ثم احتلال جامع الحي في الإمامة؛ وهنا تصاب الجماهير بـ(زهايمر) حتى لو كان ماضي هذا الشاب مخدرات ومطاردات غرامية وسرقات.. إلخ!
يدخل من هنا عالم أهل الفضيلة والإيمان، يسمع من أحاديثهم أن المرأة خلقت للذة الرجل، وأنها (ماعز) في حظيرة الرجل، وأنها تجلب العار، وتقود بجسدها نار الآخرة! حتى لو كان هذا الكلام مجرد كلام عابر في جلسة عابرة، فتتكون لديه مجموعة تصورات: كيف أمنع هذا المجتمع من سلوكيات الماضي؟ وكيف أجعله يخاف عذاب الآخرة؟
فيبدأ بإلقاء محاضرات قصيرة بعد كل صلاة بالجامع، ومن ثم يدخل دائرة (قال لي أحد الإخوة)، ومن بعدها (يحدثنا أحد المشايخ)..
وبعد ذلك يبتكر سيناريوهات جديدة؛ حيث أصبح يتربع على كرسي أهل الصلاح والتقوى، ويسأل نفسه: لماذا أنقل تجارب الآخرين لجمهوري؟ لم لا أبتكر سيناريوهات خاصة بي في مساعدة الغارقين في لجج الخطايا للخروج من سكرات ومنكرات هذه الحياة التي سيرحلون عنها؟
ويبني عقله الباطن له فكرة (التفليم)؛ بحجة أن الكذب لإنقاذ شباب الإسلام دفع للمفاسد مقدم على جلب المنافع!
وهنا تبدأ هذه النماذج بطرق المجتمع مثل المسامير بالوعظ المفرط؛ كي يزدادوا يقينا بدخول جنة عرضها السماوات والأرض.
ولكن هل كل مشايخنا ودعاتنا هكذا؟
قطعا لا؛ فلا أحد ينكر ذلك، ولا حتى عاقل أن هذه النماذج زرعت في مراكز الهيئة بوفرة، والكارثة الكبرى أنهم دخلوا سلك التعليم لكن بقلة.
والسؤال الذي أريد أن يستشف من المكتوب آنفا: التميز بين الشكل، واعتناق أخلاق أهل الصلاح؛ هل هو كاف؟
نذهب إلى نموذج آخر؛ وهو «صاحب قناع التنوير، الذي يريد إحراق المجتمع من بعيد»، أو بلغة واضحة «الليبرالي المضحك» الذي لم يفهمها بالشكل الصحيح بعد، لكنه عرفها نتيجة الاختلاط مع روادها، ومن شدة التعمق بها عرفها أنها هي رقي أمة ومولد حضارة، لكنه من داخله غير مقتنع ولو بحرف بها؛ نتيجة محيطه وقبيلته وعائلته، وأعلن ميوله ضاربا عرض الحائط برجعيتهم وتخلفهم حسب حديثه من نفسه!
نموذج الواعظ الأول استخدم الدين لتطهير الماضي، والنموذج التنويري الآخر استخدم التيار الليبرالي ليصل نحو شاطئ أهدافه بحماقة فكره وصغر فهمه، وكلاهما خسر نفسه، وربما لم يخسر الأول شيئا، بل نال إعجاب الجماهير.
الذي أريد أن أصل إليه: أن تقاذف التهم، ونشر الصراعات الفكرية بين التيارات؛ ما هو إلا رغبة في فرض الرأي، وإحراج الطرف الآخر، وهكذا هي الحقيقة نتيجة الاستماتة الداخلية بكلا الطرفين: الواعظ، والتنويري، وكسب تصفيق الجمهور أولا!
هل يستحق الدين أن يتملق من خلاله بدوافع شخصية؟ وهل رفع غشاوة التقليدية، وتغيير وضرب معقل الخصوصية، وصهرها بهذا الشكل هي الحل؟
والسؤال الآخر: هل يستحق تغيير سلوكيات ساد عليها المجتمع سنين؟ من يعتقد أن تغريدة شاذة عن العرف وفرض رأي حداثي يغير حياة من جذعها فهو «أحمق وساذج»!
كلنا مثقفون وتنويريون، اعتناق تيار ليس بحد ذاته نجاحا، فضلا عن أن يكون انتصارا! الجيد يفرض نفسه حتى لو كان مخالفا؛ فالمهم أننا نأخذ بالمنطق، وليس استفزاز السائد ظنا من بعض هؤلاء «صعاليك الحروب الفكرية» تحريك تيه هذا اللوح الحجري قليلا، ورفع راية الانتصار بالشتم، والرأي الفج، وتجنيد المعرفات بمواقع التواصل لبث الفرقة الغبية!