غيبوبة اليوتيوب السعودي
الجمعة - 10 فبراير 2017
Fri - 10 Feb 2017
قد يعرفني البعض قبل قراءة هذا المقال من برنامج «لا يكثر» الذي قمت بتقديمه في السابق على موقع يوتيوب، وهذا قد يجعل شهادتي في هذا الموضوع بالذات مجروحة، ولكني سأستغل انقطاعي عن المجال لأكثر من ستة أشهر لإيصال صورة واضحة عما حدث في مجال «الإعلام الجديد» في المملكة، والذي لم يعد جديدا بكل أمانة؛ أرى تسميته «الإعلام الاجتماعي» أكثر دقة. قد يعرف البعض عن بدايات المحتوى السعودي في موقع يوتيوب أنها كانت في عام 2011؛ هي في الحقيقة تسبق ذلك بعدة سنوات، ولكن الانطلاقة الحقيقية بدأت في ذلك العام.
افتتحت عدة قنوات في الموقع بجهود من فرق إنتاج ذات تجارب متواضعة وخبرات ضئيلة، ولكن بعزم قوي ورؤية واضحة صنعت محتوى واعيا على مدى حوالي ثلاثة أعوام، بدأت بعدها تظهر منصات رقمية أخرى تعرض المحتوى المرئي لتنافس اليوتيوب وتضيق مجال المنافسة عليه. صنعت هذه المنصات جميعها مشاهير - كما فعل اليوتيوب في بداياته - ولكن بقالب مختلف؛ مدة المقاطع التي صنعها هؤلاء المشاهير كانت أقل بكثير من مقاطع نظرائهم في اليوتيوب ولكنها كانت أشد انتشارا.
بعد ظهورهم، بدأ القائمون على موقع يوتيوب بمحاولة مجاراتهم ودعم المحتوى الذي يرون أنه يستطيع أن ينافس هذه المنصات الأخرى. في خضم هذا المعترك، فقد رواد اليوتيوب الأوائل وهجهم وبريقهم، باستثناء من استطاع إعادة ابتكار موهبته بالانتقال إلى منصات أخرى كالتلفاز والأفلام والراديو وغيرها. بالطبع، لم تكن كل تجارب الانتقال تلك ناجحة، فالبعض منها أثبتت أن الهالة التي تحيط ببعض هذه المواهب مزيفة وأنهم سقطوا عند أول اختبار للقدرات الإعلامية والإنتاجية.
بدأ الموقع بتعزيز ظهور صناع المقالب والتحديات والتسجيلات اليومية «الفلوجات» ومقاطع تعليم أساليب وضع المكياج مما أدى إلى انحدار الكثير من القنوات التي لا تتبع هذه الأساليب المكررة حتى أصبح عدد المشاهدات لا يرتقي لنصف عدد المشتركين في هذه القنوات المعنية.
هذه الاستراتيجية أدت لتغيير ديموجرافية المشاهدين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بانخفاض الشرائح العمرية المستهدفة وطبيعة المحتوى الذي يلاقي انتشارا واسعا. استراتيجيات القائمين على موقع يوتيوب في الشرق الأوسط هي انعكاس لخطة القائمين على الموقع عالميا. ولا يخفى على أي منا اختفاء الكثير من رواد اليوتيوب في الولايات المتحدة أمثال Ray William Johnson
وCasey Neistat بالإضافة لصاحب أشهر قناة يوتيوب في العالم PewDiePie.
السبب الرئيسي الذي ذكره كل منهم لتركهم التسجيل اليومي على قنواتهم هو الإجهاد وصعوبة الاستمرار بوتيرة واحدة على قنواتهم، والبعض منهم ذكر محدودية الفرص والملل. مع ذلك، ففريق يوتيوب في الشرق الأوسط مصر على تكرار هذه النتائج لدينا.
يبدو أن القائمين على موقع يوتيوب في الشرق الأوسط بدؤوا يشعرون بانسحاب الكثير من أصحاب القنوات ذات الاشتراكات العالية في الآونة الأخيرة، خصوصا في ظل الاهتمام الشديد من منصات رقمية أخرى تدعم المحتوى المرئي بمشاهدات عالية كفيس بوك وانستقرام وسناب شات وحتى تويتر، فقاموا باعتماد مشروع إنشاء مركز YouTube Space في مدينة الاستوديوهات بدبي لدعم صناع المحتوى بما يحتاجونه من معدات ومواقع تصوير وغير ذلك. هذا المركز ليس الأول من نوعه للشركة، بل هو مركزها العاشر عالميا بعد مراكزها في لوس أنجلوس ولندن وطوكيو ونيويورك وساو باولو وبرلين وباريس ومومباي وتورونتو.
الغريب في الأمر هو أن موقع YouTube Spaces الرسمي لم يدرج مدينة دبي كإحدى المدن التي تحتضن مركزا من مراكزه حتى تاريخ كتابة هذا المقال. هل تم إنشاء هذا المركز على عجل؟ هل سيكون هذا المركز سببا في إثراء المحتوى في الموقع أم مجرد خطوة متأخرة ومكلفة بلا نتائج مجزية؟
ما يميز المنصات الرقمية الناجحة بشتى أنواعها هو أنها تصنع اتجاهات ذوقية جديدة - تعرف لدى الخبراء بمسمى trends - ولا تتبع فقط ما يتداول منها، ينتج عن ذلك جذب شريحة جديدة تماما من المستهلكين.
هذه المنصات تدار بعقليات تهدف لجعلها بؤر صناعة وإنتاج وليس مجرد استهلاك، كل منها صنع فارقا جذريا، فالانستقرام في أوج انتشاره صنع إبداعا في 15 ثانية، والسناب شات خلق العديد من القصص في هيئة stories، وتويتر أصبح حديث الجميع كمنصة شبه رسمية تضم كبار الشخصيات والعديد من الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية بحسابات موثقة، والفيس بوك حفظ ملايين الصداقات لأكثر من عشرة أعوام. فماذا صنع اليوتيوب مؤخرا سوى محتوى مكرر دون أي تجديد؟ هل مات اليوتيوب لدينا؟ أم إنه في غيبوبة قد يفيق منها؟
كم أتمنى أن يكون السؤال الأخير هو الأقرب للصحة، وكم أتمنى أن تكون الإفاقة قريبة، خصوصا بعد التفات منافسين أشد شراسة واهتماما بالمنطقة ومواهبها كمواقع نتفليكس وهولو وأمازون.
يوتيوب السعودي هل مات أم إنه في غيبوبة؟
2011 الانطلاقة الفعلية للمحتوى السعودي في الموقع
انستقرام
صنع في أوج انتشاره إبداعا في 15 ثانية
سناب شات
خلق عددا من القصص في هيئة stories
تويتر
أصبح منصة شبه رسمية تضم كبار الشخصيات والشركات بحسابات موثقة
فيس بوك
حفظ ملايين الصداقات لأكثر من عشرة أعوام
يوتيوب
لم يصنع مؤخرا سوى محتوى مكرر دون أي تجديد
افتتحت عدة قنوات في الموقع بجهود من فرق إنتاج ذات تجارب متواضعة وخبرات ضئيلة، ولكن بعزم قوي ورؤية واضحة صنعت محتوى واعيا على مدى حوالي ثلاثة أعوام، بدأت بعدها تظهر منصات رقمية أخرى تعرض المحتوى المرئي لتنافس اليوتيوب وتضيق مجال المنافسة عليه. صنعت هذه المنصات جميعها مشاهير - كما فعل اليوتيوب في بداياته - ولكن بقالب مختلف؛ مدة المقاطع التي صنعها هؤلاء المشاهير كانت أقل بكثير من مقاطع نظرائهم في اليوتيوب ولكنها كانت أشد انتشارا.
بعد ظهورهم، بدأ القائمون على موقع يوتيوب بمحاولة مجاراتهم ودعم المحتوى الذي يرون أنه يستطيع أن ينافس هذه المنصات الأخرى. في خضم هذا المعترك، فقد رواد اليوتيوب الأوائل وهجهم وبريقهم، باستثناء من استطاع إعادة ابتكار موهبته بالانتقال إلى منصات أخرى كالتلفاز والأفلام والراديو وغيرها. بالطبع، لم تكن كل تجارب الانتقال تلك ناجحة، فالبعض منها أثبتت أن الهالة التي تحيط ببعض هذه المواهب مزيفة وأنهم سقطوا عند أول اختبار للقدرات الإعلامية والإنتاجية.
بدأ الموقع بتعزيز ظهور صناع المقالب والتحديات والتسجيلات اليومية «الفلوجات» ومقاطع تعليم أساليب وضع المكياج مما أدى إلى انحدار الكثير من القنوات التي لا تتبع هذه الأساليب المكررة حتى أصبح عدد المشاهدات لا يرتقي لنصف عدد المشتركين في هذه القنوات المعنية.
هذه الاستراتيجية أدت لتغيير ديموجرافية المشاهدين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بانخفاض الشرائح العمرية المستهدفة وطبيعة المحتوى الذي يلاقي انتشارا واسعا. استراتيجيات القائمين على موقع يوتيوب في الشرق الأوسط هي انعكاس لخطة القائمين على الموقع عالميا. ولا يخفى على أي منا اختفاء الكثير من رواد اليوتيوب في الولايات المتحدة أمثال Ray William Johnson
وCasey Neistat بالإضافة لصاحب أشهر قناة يوتيوب في العالم PewDiePie.
السبب الرئيسي الذي ذكره كل منهم لتركهم التسجيل اليومي على قنواتهم هو الإجهاد وصعوبة الاستمرار بوتيرة واحدة على قنواتهم، والبعض منهم ذكر محدودية الفرص والملل. مع ذلك، ففريق يوتيوب في الشرق الأوسط مصر على تكرار هذه النتائج لدينا.
يبدو أن القائمين على موقع يوتيوب في الشرق الأوسط بدؤوا يشعرون بانسحاب الكثير من أصحاب القنوات ذات الاشتراكات العالية في الآونة الأخيرة، خصوصا في ظل الاهتمام الشديد من منصات رقمية أخرى تدعم المحتوى المرئي بمشاهدات عالية كفيس بوك وانستقرام وسناب شات وحتى تويتر، فقاموا باعتماد مشروع إنشاء مركز YouTube Space في مدينة الاستوديوهات بدبي لدعم صناع المحتوى بما يحتاجونه من معدات ومواقع تصوير وغير ذلك. هذا المركز ليس الأول من نوعه للشركة، بل هو مركزها العاشر عالميا بعد مراكزها في لوس أنجلوس ولندن وطوكيو ونيويورك وساو باولو وبرلين وباريس ومومباي وتورونتو.
الغريب في الأمر هو أن موقع YouTube Spaces الرسمي لم يدرج مدينة دبي كإحدى المدن التي تحتضن مركزا من مراكزه حتى تاريخ كتابة هذا المقال. هل تم إنشاء هذا المركز على عجل؟ هل سيكون هذا المركز سببا في إثراء المحتوى في الموقع أم مجرد خطوة متأخرة ومكلفة بلا نتائج مجزية؟
ما يميز المنصات الرقمية الناجحة بشتى أنواعها هو أنها تصنع اتجاهات ذوقية جديدة - تعرف لدى الخبراء بمسمى trends - ولا تتبع فقط ما يتداول منها، ينتج عن ذلك جذب شريحة جديدة تماما من المستهلكين.
هذه المنصات تدار بعقليات تهدف لجعلها بؤر صناعة وإنتاج وليس مجرد استهلاك، كل منها صنع فارقا جذريا، فالانستقرام في أوج انتشاره صنع إبداعا في 15 ثانية، والسناب شات خلق العديد من القصص في هيئة stories، وتويتر أصبح حديث الجميع كمنصة شبه رسمية تضم كبار الشخصيات والعديد من الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية بحسابات موثقة، والفيس بوك حفظ ملايين الصداقات لأكثر من عشرة أعوام. فماذا صنع اليوتيوب مؤخرا سوى محتوى مكرر دون أي تجديد؟ هل مات اليوتيوب لدينا؟ أم إنه في غيبوبة قد يفيق منها؟
كم أتمنى أن يكون السؤال الأخير هو الأقرب للصحة، وكم أتمنى أن تكون الإفاقة قريبة، خصوصا بعد التفات منافسين أشد شراسة واهتماما بالمنطقة ومواهبها كمواقع نتفليكس وهولو وأمازون.
يوتيوب السعودي هل مات أم إنه في غيبوبة؟
2011 الانطلاقة الفعلية للمحتوى السعودي في الموقع
انستقرام
صنع في أوج انتشاره إبداعا في 15 ثانية
سناب شات
خلق عددا من القصص في هيئة stories
تويتر
أصبح منصة شبه رسمية تضم كبار الشخصيات والشركات بحسابات موثقة
فيس بوك
حفظ ملايين الصداقات لأكثر من عشرة أعوام
يوتيوب
لم يصنع مؤخرا سوى محتوى مكرر دون أي تجديد