رجال ألمع بلا مقاه شعبية!

الثلاثاء - 07 فبراير 2017

Tue - 07 Feb 2017

كثير من الأدباء الكبار كانت انطلاقتهم نحو الإبداع من المقاهي الشعبية، مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس، وأضحت ذات قيمة تاريخية وفكرية. لكنك عندما تقلب بصرك في الأنحاء باحثا عن مقهى شعبي قديم في محافظتك لا تجد شيئا، بينما تجدها في أبها ومحايل والدرب وفي كل مكان باستثناء رجال ألمع، تتعجب، كيف لرجال ألمع أن تكون معزولة وخالية من المقاهي بصرف النظر عما تقدم؟!

وتتساءل بدهشة، لماذا هذه العزلة وهذا الانكفاء؟ هل تصبح رجال ألمع مثل منطقة ما في فترة من الفترات الماضية في ذروة تألق الصحوة، عندما تم منع وسائل التسلية والترفيه، والمقاهي والصحون اللاقطة والدخان وكرة القدم والتلفاز؟! هل تصبح ألمع كذلك بفعل التدخلات غير الحضارية من البعض في ظل موجة الاحتساب وفزعة الإنكار؟ والنطاق العمراني المحترم حجة غير واقعية لأن رجال ألمع لم تبن وفق مخططات حضارية معتمدة ومنظمة، فهي قرى عشوائية وأودية، وإذا كان سبب المنع هو صحي بيئي فمن الأولى أن يتم إغلاق مصانع (البلك) المنتشرة في الأماكن المأهولة بالسكان.

بلديتنا العزيزة، لماذا إغلاق المقاهي؟ الكثير من الشباب والشيبان يرتادونها لمشاهدة المباريات المشفرة وشرب الشاي ولقاء الأصدقاء وقتل الفراغ الكبير والترفيه عن أنفسهم، أين يذهب هؤلاء الشبيبة؟ «في شيء غلط»، الإغلاق ليس حلا، إلزام المقاهي بالنظافة هو الحل، حل مشكلة ــ إن صحت ـ بمشكلة أخرى وهو الواقع، طالما أن الشباب والشيبان تحولوا إلى غرف مستأجرة خاصة في كل المحافظة، في غرف مغلقة بعيدا عن النظام الرقابي والصحي والأمني، وأنا لا ألومهم فليس لديهم خيار آخر، أصبحت حاضرة رجال ألمع قهوة كبيرة بسبب إغلاق ثلاث مقاه صغيرة كانت تخضع للمتابعة والمراقبة، ومنهم من يذهب يوميا إلى محايل والدرب، وكأن رجال ألمع المحافظة الفاضلة الوحيدة في العالم التي لابد أن تخلو من الملهيات في نظر البعض، التي يرونها جريمة لا تغتفر، مع أنها من الحريات الشخصية التي لا يعاقب عليها أي قانون في العالم.

واللوم يقع على البلدية وجهات أخرى، بسبب أنها لم توجد البديل في الزمان والمكان، ولم تراع الرغبات الشخصية للشباب والشيبان، هذه الشريحة المحترمة لها الحق في أن تسأل عن السبب في إغلاق أماكن لقائهم وبهجتهم والذي كان سببا في ذهابهم شرقا وغربا في متاهات وهم يكادون يلعنون الحضارة وأنظمتها التي تطبق بانتقائية مفرطة.

وزبدة الكلام أن إعادة النظر في قرار إغلاق المقاهي هو مطلب شريحة كبيرة تضررت من الإغلاق في القرن الـ21، حتى لا تبقى رجال ألمع معزولة ومنبوذة في عيون أهلها والقادمين إليها، كونها تعد محافظة سياحية ولعدم وجود النية في فتح مقاه جديدة!