أمريكا بين رحابة الدستور وقيد المصالح
السبت - 04 فبراير 2017
Sat - 04 Feb 2017
تتميز الشعوب الحية والمجتمعات المتنورة باستقلالية الفرد ومرونة الجماعة في مبادراتها للعمل التطوعي الجماعي والفردي، إيمانا منها بأهميته في مسيرتها للبناء والارتقاء، وإدراكا منها بأن ثمرة العمل المخلص الجاد تعود على الجميع وتساعد في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة، وترسم الصورة الذهنية التي يسعى المجتمع أن يحققها لنفسه بين شعوب العالم.
ولا أبالغ إن قلت إن المجتمع الأمريكي من بين أعلى المجتمعات نسبة في المشاركة في العمل التطوعي الذي يحقق هذه الأهداف ويتحرك بما يمليه عليه الدستور الذي قامت عليه الدولة والذي يضمن عدم التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم، وكذلك حرية التعبير كتابة أو حديثا أو الحد من حرية الصحافة مع ضمان حرية التجمعات الشعبية للتعبير عن مطالبهم وحقوقهم.
فعندما بلغ الاستياء من الشعب الأمريكي وأدرك الوسط الثقافي فيه تورط بلاده في معالجة القضية الفيتنامية وكثر الانتقاد من الداخل وتعالت الأصوات الغيورة على الدستور وعلى صورة الوطن.
وظهرت الكثير من الأعمال التي تلقي الضوء على انحرافات الساسة ومنها بل أكثرها تأثيرا ظهور رواية (الأمريكي القبيح) في عام 1958 خلال الوجود الأمريكي في فيتنام الذي جاء بعد خروج الفرنسيين منها واشترك في هذا العمل الروائي الذائع الصيت الأمريكيان وليام لدرر خريج الكلية البحرية، ويوجين بوردك الروائي والسياسي الشهير، ولقد حقق هذا العمل انتشارا ساحقا وما زال بعد ستين عاما ضمن الكتب المفضلة لطلاب العلوم السياسية في الولايات المتحدة حتى إن أحد المعلقين على الكتاب قال إنه قد قرأه عشرين مرة.
وقد استفاد الكثير منه في أطروحاتهم العلمية وتحليلاتهم السياسية والعسكرية طلابا ودبلوماسيين وصحفيين.
وتجري أحداث الرواية في إقليم سرخان وهو اسم من نسج الخيال، حيث يركز الكتاب على أخطاء السياسة الأمريكية في الخارج وسلوك السفارات والاستراتيجية العسكرية في جنوب شرق آسيا حيث النزاع الأمريكي الروسي على أوجه آنذاك، منتقدا هذه السياسة ويحملها النتائج التي آلت إليها كفة الصراع بين المعسكرين (حيث كانت فيتنام ساحة للحرب بين القوتين)، متهما المسؤولين الأمريكان في الخارج بالغرور والفشل في التعامل مع الشعوب بثقافاتها المختلفة.
ونظرا للنجاح الواسع والأهمية التي أدركها الشعب الأمريكي لهذا العمل الجدير بالتقدير تحولت الرواية في عام 1963 إلى فيلم سنيمائي بطولة مارلون براندو في دور السفير.
كما ظهر لنا مؤخرا ترجمة حياة الرئيس الأمريكي توماس جفرسون للكاتب جون ميشام الذي عمل رئيسا لتحرير النيوزويك الحاصل على جائزة بوليتيزر عام 2009 بعنوان فن السلطة والذي يعود بنا إلى بدايات بناء الدولة حيث يعتبر جفرسون الرئيس الثالث من 1801 إلى 1809 والذي عكف على دراسة الحقوق المدنية في الإسلام قبل أن يحصل على نسخة من القرآن ليدرسه بشكل مفصل مما أثار عليه خصومه السياسيين ولكنه انتصر لقيم المواطنة من خلال صياغة إعلان الاستقلال الذي كان ثورة حقيقية في مجال ضمان الحقوق المدنية لجميع المواطنين مهما اختلفت معتقداتهم وسمي جفرسون بالمسلم الخفي أو المتنكر.
لقد تأصل منذ عقود طويلة لدى الشعب الأمريكي الإيمان بحقوق الفرد والجماعات وخاصة الأقليات وضمان حق التعبير والمطالبة بالمحافظة عليها باعتبارها أساس قوة الأمة وتفوقهاـ واتسعت الهوة بين ما يؤمن به الفرد وما تمارسه السياسة مما يجعل المراقب يشعر أن أمريكا باتت بوجهين، وجه في الداخل تلمسه في تعاملك من الناس أينما وجدتهم، ووجه آخر في التعامل مع الخارج.
وما رآه العالم في الأيام القليلة الماضية يعتبر عاصفة من الإدانة والاستنكار وصلت حد وصفها بأنها تتعارض مع القيم والمبادئ الأمريكية حيث أدرك المجتمع الأمريكي بأن ما يعتبره من الأساسيات في دستوره قد انحرف الساسة في التعامل به، الأمر الذي جعل العالم يقف احتراما للمبادئ والقيم التي انتصر لها كل المجتمع الأمريكي على اختلاف مستوياتهم فلقد خرج المحامون والمثقفون والرياضيون وعامة الناس إلى الشوارع وتظاهر الكثير منهم أمام المطارات مطالبين بعدم المساس بالقيم الأمريكية التي نص عليها الدستور.
والسابقة الجديرة بالملاحظة في تاريخ الكنائس في أمريكا أن يرفع الأذان تضامنا مع المسلمين، مما يؤكد أن حالة الغضب من مختلف مكونات المجتمع المدني الأمريكي بلغت ذروتها رفضا لما يعتبرونه يتعارض مع مبادئ الدولة.
مما يؤكد أن المجتمع الأمريكي المترف في عيشه الرغيد مقارنة بمعظم شعوب العالم ينتفض كذلك ويثور ويخرج إلى الشارع، مؤكدا أن إرادة الأغلبية هي الحارس المؤكد لحقوق كل إنسان ومعلنا حرصه وتفانيه في المحافظة على المبادئ والقيم التي صنعت من أمريكا دولة تستحق أن تكون أم الدنيا.. بل وأبوها كذلك.
ولا أبالغ إن قلت إن المجتمع الأمريكي من بين أعلى المجتمعات نسبة في المشاركة في العمل التطوعي الذي يحقق هذه الأهداف ويتحرك بما يمليه عليه الدستور الذي قامت عليه الدولة والذي يضمن عدم التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم، وكذلك حرية التعبير كتابة أو حديثا أو الحد من حرية الصحافة مع ضمان حرية التجمعات الشعبية للتعبير عن مطالبهم وحقوقهم.
فعندما بلغ الاستياء من الشعب الأمريكي وأدرك الوسط الثقافي فيه تورط بلاده في معالجة القضية الفيتنامية وكثر الانتقاد من الداخل وتعالت الأصوات الغيورة على الدستور وعلى صورة الوطن.
وظهرت الكثير من الأعمال التي تلقي الضوء على انحرافات الساسة ومنها بل أكثرها تأثيرا ظهور رواية (الأمريكي القبيح) في عام 1958 خلال الوجود الأمريكي في فيتنام الذي جاء بعد خروج الفرنسيين منها واشترك في هذا العمل الروائي الذائع الصيت الأمريكيان وليام لدرر خريج الكلية البحرية، ويوجين بوردك الروائي والسياسي الشهير، ولقد حقق هذا العمل انتشارا ساحقا وما زال بعد ستين عاما ضمن الكتب المفضلة لطلاب العلوم السياسية في الولايات المتحدة حتى إن أحد المعلقين على الكتاب قال إنه قد قرأه عشرين مرة.
وقد استفاد الكثير منه في أطروحاتهم العلمية وتحليلاتهم السياسية والعسكرية طلابا ودبلوماسيين وصحفيين.
وتجري أحداث الرواية في إقليم سرخان وهو اسم من نسج الخيال، حيث يركز الكتاب على أخطاء السياسة الأمريكية في الخارج وسلوك السفارات والاستراتيجية العسكرية في جنوب شرق آسيا حيث النزاع الأمريكي الروسي على أوجه آنذاك، منتقدا هذه السياسة ويحملها النتائج التي آلت إليها كفة الصراع بين المعسكرين (حيث كانت فيتنام ساحة للحرب بين القوتين)، متهما المسؤولين الأمريكان في الخارج بالغرور والفشل في التعامل مع الشعوب بثقافاتها المختلفة.
ونظرا للنجاح الواسع والأهمية التي أدركها الشعب الأمريكي لهذا العمل الجدير بالتقدير تحولت الرواية في عام 1963 إلى فيلم سنيمائي بطولة مارلون براندو في دور السفير.
كما ظهر لنا مؤخرا ترجمة حياة الرئيس الأمريكي توماس جفرسون للكاتب جون ميشام الذي عمل رئيسا لتحرير النيوزويك الحاصل على جائزة بوليتيزر عام 2009 بعنوان فن السلطة والذي يعود بنا إلى بدايات بناء الدولة حيث يعتبر جفرسون الرئيس الثالث من 1801 إلى 1809 والذي عكف على دراسة الحقوق المدنية في الإسلام قبل أن يحصل على نسخة من القرآن ليدرسه بشكل مفصل مما أثار عليه خصومه السياسيين ولكنه انتصر لقيم المواطنة من خلال صياغة إعلان الاستقلال الذي كان ثورة حقيقية في مجال ضمان الحقوق المدنية لجميع المواطنين مهما اختلفت معتقداتهم وسمي جفرسون بالمسلم الخفي أو المتنكر.
لقد تأصل منذ عقود طويلة لدى الشعب الأمريكي الإيمان بحقوق الفرد والجماعات وخاصة الأقليات وضمان حق التعبير والمطالبة بالمحافظة عليها باعتبارها أساس قوة الأمة وتفوقهاـ واتسعت الهوة بين ما يؤمن به الفرد وما تمارسه السياسة مما يجعل المراقب يشعر أن أمريكا باتت بوجهين، وجه في الداخل تلمسه في تعاملك من الناس أينما وجدتهم، ووجه آخر في التعامل مع الخارج.
وما رآه العالم في الأيام القليلة الماضية يعتبر عاصفة من الإدانة والاستنكار وصلت حد وصفها بأنها تتعارض مع القيم والمبادئ الأمريكية حيث أدرك المجتمع الأمريكي بأن ما يعتبره من الأساسيات في دستوره قد انحرف الساسة في التعامل به، الأمر الذي جعل العالم يقف احتراما للمبادئ والقيم التي انتصر لها كل المجتمع الأمريكي على اختلاف مستوياتهم فلقد خرج المحامون والمثقفون والرياضيون وعامة الناس إلى الشوارع وتظاهر الكثير منهم أمام المطارات مطالبين بعدم المساس بالقيم الأمريكية التي نص عليها الدستور.
والسابقة الجديرة بالملاحظة في تاريخ الكنائس في أمريكا أن يرفع الأذان تضامنا مع المسلمين، مما يؤكد أن حالة الغضب من مختلف مكونات المجتمع المدني الأمريكي بلغت ذروتها رفضا لما يعتبرونه يتعارض مع مبادئ الدولة.
مما يؤكد أن المجتمع الأمريكي المترف في عيشه الرغيد مقارنة بمعظم شعوب العالم ينتفض كذلك ويثور ويخرج إلى الشارع، مؤكدا أن إرادة الأغلبية هي الحارس المؤكد لحقوق كل إنسان ومعلنا حرصه وتفانيه في المحافظة على المبادئ والقيم التي صنعت من أمريكا دولة تستحق أن تكون أم الدنيا.. بل وأبوها كذلك.