سيداتي سادتي.. سنتحدث اليوم باللغة الإنجليزية

الجمعة - 03 فبراير 2017

Fri - 03 Feb 2017

«سيداتي سادتي، يسعدني إبلاغكم رسميا اليوم بتحويل جميع أقسام وفروع الشركة من ناطقة ومستخدمة للغة اليابانية إلى اللغة الإنجليزية آمل منكم التكرم واعتماد هذا القرار ابتداء من اليوم، تحياتي».. (هيروشي ميكيتاني، الرئيس التنفيذي).



هذه هي الصيغة التي استخدمها Hiroshi Mikitani مؤسس ورئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة راكوتين.كوم في طوكيو، ثالث أكبر شركة تسويق الكتروني في العالم بعد «أمازون» و «إي باي»، لتكون الصاعقة الكبرى لجميع المديرين والموظفين الذين تجاوز عددهم 10 آلاف شخص في مكاتب عدة مختلفة في اليابان وتايوان وأمريكا وغيرها من الدول الأخرى التي تتواجد بها فروع الشركة، لم يكن من السهل على الأغلبية الساحقة مجرد التخيل باعتماد هذه اللغة الغريبة التي لا يستطيع معظمهم فهم جملة واحدة إن نطقت لهم، أو التفوه بغير «يس، نو، أوكي» بأن تكون لغتهم اليومية الدارجة والتي يجب على الجميع اعتمادها وتعلمها شاء أم أبى أو عليه التكرم بتقديم استقالته!



سبب هذا القرار توترا عاما وربكة شديدة أدت لاستياء الأغلبية وانتشار حالات قلق واكتئاب عام في الشركة، خاصة لأصحاب المناصب الرفيعة، وبالأخص من تجاوز سن الـ40. فقد تم قلب الطاولة على البعض ليتمكن الموظفون الخريجون حديثا من قيادة دفة المشاريع بسبب تفوق عامل اللغة بشكل بسيط. وخلال أيام قليلة ووقت قياسي تم عقد مجموعة اتفاقات مع معظم المعاهد في اليابان لتعليم اللغة الإنجليزية بابتعاث منسوبيها ليلا لتعلم اللغة الإنجليزية بعد الانتهاء من الدوامات الرسمية. أصبح هذا القرار الغريب حديث الإعلام المختص بالمال والأعمال، وقد وصفه كثير من النقاد والمحللين بالمجنون لاعتماد مثل هذا القرار بهذه السرعة دون تدرج لحجم كحجم هذه الشركة!



وقد صرح ميكيتاني «لقد بين لي كثير من الموظفين استياءهم الشديد من هذا القرار، حيث أصبح البعض لا يستطيع رؤية أهلهم وأصدقائهم مساء على حد قولهم، وفي الحقيقة لقد تعاطفت معهم، لكن ذلك لم يمنعني من إتمام المشروع أو التأخر عنه لحظة واحدة».

«لو أعطيت مجلس الإدارة ومنسوبي الشركة الفرصة لمناقشة هذه الخطوة، لم تكن لتتم بطبيعة الحال، بل أعتقد أن الأغلبية ستتهمني بالجنون، وذلك ما قد حصل بالفعل».



«من الأشياء الطريفة أثناء إتمام مشروع تعميم اللغة الإنجليزية أن معظم الموظفين أصبحوا أكثر إنتاجية، وذلك بسبب عدم إمكانيتهم إتمام النقاشات بشكل موسع لتنحصر المحادثات الهاتفية وغيرها من التواصل حول طلبات محددة وتنفيذها دون التطرق لأشياء جانبية شخصية».



آمن ميكيتاني أن الشركة لن تتمكن من النهوض للمرحلة التالية إلا عبر اتخاذ هذه الخطوة، ليجعل راكوتين تستهدف السوق العالمي بدل استهداف السوق الياباني فقط، وكان اتفاق معظم من تناولوا هذه التجربة أن هيروشي كان يرى ما لا يراه الآخرون، وإن كانت هذه الخطوة في مصلحة الأغلبية. نجحت هذه التجربة رغم المشاكل والصعوبات البالغة التي صاحبتها لتكون إحدى أهم القضايا التي تناولتها جامعة هارفرد في ذلك العام، وليتمكن هيروشي من تطبيق مبدأ «التمكين» الذي يتحدث عنه دائما.



«مكن موظفيك وشركاءك ومورديك ونفسك أولا لتتمكن من النجاح»، وكان يرى ذلك المفهوم بإلزام الجميع بالتحدث باللغة الإنجليزية كأحد أهم عوامل النجاح بإضافة الصبغة العالمية بشكلها الصحيح. يذكر أن هيروشي يعد رابع أغنى رجل في اليابان بثروة تجاوزت 4.8 مليارات دولار حسب إحصائية فوربس، وتشابه الخلفية العملية لهذا الرجل مع منافسه جيف بيزوس الرئيس التنفيذي لأمازون.