عبدالله قاسم العنزي

قانونية قرار الرئيس الأمريكي

الخميس - 02 فبراير 2017

Thu - 02 Feb 2017

لا تزال النظرة تجاه الرئيس دونالد ترمب غامضة بسبب عدم وضوح اتجاهاته نحو قضايا الشرق الأوسط، ويشتد الأمر غموضا بعد صدور قرار منع دخول جنسيات معينة من دول عربية وإسلامية، والمهم منها الشعب السوري المضطهد، بمعنى - وبصورة أوضح وأدق - أن أمريكا التي أشغلت العالم بحقوق الإنسان تقفل أبوابها أمام شعب شرد وانتهكت حقوقه!



ومن وجهة نظري كرجل قانون أن القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي بقصد إحداث أثر قانوني بمنع جنسيات معينة لفترة محددة من دخول أمريكا لاحتياطات أمنية معيب وفق القانون الأمريكي، باعتباره يفتقر للأدوات القانونية التي تمنح الرئيس التنفيذي إصدار مثل هذه القرارات، فصلاحيات الرئيس الأمريكي محددة كما بينت المادة الثانية من الدستور الأمريكي، ويجوز الطعن بقرارات الرئيس إذا خلت من أمرين، هما عدم استنادها للدستور، أو لم تستمد قوتها من الكونجرس، بحيث يقدم للرئيس قانون يسمح له بتنفيذ القرار من خلال مرسوم تنفيذي، ولم يصرح الكونجرس بتأييد هذا القرار، إضافة إلى أن هذا القرار يتعارض مع قانون الهجرة الذي شرعه الكونجرس الأمريكي في عام 1965 والذي نص على «يحظر التمييز ضد أي شخص عند إصدار تأشيرة هجرة بسبب العرق أو الجنس أو الجنسية»، وما يستند عليه الرئيس الأمريكي بقانون «الأجانب غير المقبولين» الصادر في عام 1952 والذي ينص على تعليق دخول أي فئة من الأجانب يجد أنها تضر بمصالح الولايات المتحدة، لا ينطبق بهذه الصورة العنصرية، باعتبار أنه لا يوجد مبررات واقعية وقانونية قوية تسمح بتطبيق هذه المادة على الجنسيات التي شملها قرار ترمب، خصوصا في حق السوريين المشردين من بلادهم، ولذلك عارض القرار التنفيذي أعضاء بارزون في الكونجرس، ومنهم تشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية، الذي صرح بأنه سيقدم مشروعا لإبطاله، ووصف قرار ترمب بالمتهور والمنحرف عن القيم الأمريكية! ولهشاشة القرار وتعارض الآراء القانونية حوله أصدر عدد من القضاة في محاكم اتحادية في عدة ولايات أوامر قضائية بوقف القرار بشكل موقت، وعدم ترحيل حاملي التأشيرات واللاجئين العالقين بالمطارات الأمريكية.



على أية حال ليس من المستغرب إطلاقا ظهور مثل هذه القرارات في أمريكا بعد تصاعد اليمين المتطرف بخطاباتهم التي أزكمت أنوفنا برائحة العنصرية ضد المسلمين والمهاجرين العرب. ويظهر خطر العنصرية ليس بشكلها الاجتماعي، بل إذا تحولت إلى أداة قانونية لانتهاك حقوق الإنسان، ولكن يبقى الشعب الأمريكي يحمل قيما إنسانية لاحظناها في تداعيات هذا الحدث.