مفاسد التقنية

الخميس - 02 فبراير 2017

Thu - 02 Feb 2017

لا أدري إلى متى ستظل تتحكم فينا هذه الأجهزة وشبكات التواصل؟ صحيح أن لها منافع جمة لمن أراد المنفعة، فهناك من يستخدمها للدعوة إلى الله وتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم بالحق وللحق وفي الحق، وكذلك هناك من يستخدمها لأعمال البر والخير والاستثمار والتجارة، وأمور غير ذلك مما ينفع الناس وينتفع به الناس، فهذا قد أحسن التصرف في استعمال هذه التقنية التي هي نعمة من نعم الله. ولكن من أراد غير ذلك فهي سوق رائجة بالأكاذيب وللأكاذيب والافتراءات حتى على الله ورسوله والدين، والسخرية من كل شيء، والتلاعب بكل ما هو جميل في أمتنا، والمناداة بما يعزز الفتن وإيغار الصدور وتنمية العداوة والبغضاء والسب وانتقاص الآخر بكلمات وعبارات نابية، وإحياء للجاهلية والعنصرية والتنابذ بالألقاب والطعن في الأحساب والأنساب، مما جاء الإسلام لمحوها؛ ليتعايش الناس كأمة واحدة جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، وذلك بوحدتها وتكاتفها وتعاضدها، وشد كل فرد من أفرادها أزر أخيه.



وأما قاعدة النسخ واللصق فحدث ولا حرج، فكم تأتيني في اليوم من هذه الرسائل المليئة بالأكاذيب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الذي رواه سمرة المخرج في صحيح البخاري، وفيه: (رأيت الليلة رجلين أتياني، قالا: الذي رأيته يشق شدقه، فكذاب يكذب بالكذبة، تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة)، أفبعد هذا الحديث المخيف يستسيغ شخص هذا العمل وبدون تمحص أو استقصاء؟ وهذه المواقع والشبكات العنكبوتية مشحونة بهذه الأكاذيب التي تبلغ الآفاق بضغطة زر فإذا هي تبلغ أقصى العالم وتنتشر بسرعة الضوء، وقد تصادف أصحاب النفوس المريضة الذين يتصيدون الأخطاء ويروجونها لغرض التفرقة ودق أسافين الخلاف والفتنة، فكم من الأذكياء الذين أنعم الله عليهم بعقول فبدلا من استخدامها في الخير ومنفعة الناس أخذوا يستخدمونها في تجيير هذه التقنية إلى دمار وإيذاء الآخرين.



وعلى المرء أن يكون حصيفا أريبا مع هذه التقنية، فقد أصبحت وسيلة للنصب والاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل فكم سمعنا من قصص قد وقع أصحابها ضحايا في شراك عصابات اتخذت من الذين حسنت نواياهم فخدعتهم وجلبت عليهم المصائب وتحملوا إثر ذلك من الديون ما الله به عليم، ومن هذه الناحية ربما يقع اللوم على الذين يثقون بكل من هب ودب ونسوا أن هناك شبكات عالمية للنصب والاحتيال بحجة المسابقات ووضع جوائز وهمية أو الاتجار بالأسهم إلى غير ذلك ممن كان من المفروض أن لا يثق بهم أحد والذي يجلب كل هذا إنما هو الطمع وعدم الرضى بما قسم الله وحب الدنيا وجمع الأموال بأية وسيلة وطريقة كانت، فيكون جزاء ذلك الندم والخسران المبين نسأل الله أن يحفظ الجميع.