فايع آل مشيرة عسيري

يحكى أن..

الخميس - 02 فبراير 2017

Thu - 02 Feb 2017

يحكى أن الحرية تمردت على سطوة المجتمع الرجعي ووأد البنات وتقسيم الميراث.. فلحقها العرب الأعراب الجاهليون.. لكنها هربت للمستحيل حيث زرقاء اليمامة والعنقاء وما تبقى من الأخلاء الأوفياء.. الحرية أطلقت ساقيها المتعبتين للريح.. وتركت حذاءها المجتث بدماء الساحات والبيوت والقلوب.. والأحلام المجهضة بدموع البطالة..!



الحرية التي أسندت ظهرها لباب آهاتها الخشبي المتهالك وهي تنوح نادبة ناعية أطفالها وهم يتنازعون أرواحهم كيماويا وجرما.. وسرت تمزق شعرها المجعد وتضرب صدرها وتنوح بملء فيها..!



تلك الحرية الصارخة.. الصابرة.. الباكية تخدش عنوة كبرياء المتشبث بالكرسي..!



الحرية تحب الشمس؛ لأن الشمس تحب الكرامة.. الحرية تصرخ في وجه أبنائها الثلاثة وبناتها السبع إلا الكرامة.. إلا الكرامة.. إلا الكرامة.. رددتها حتى ظننا أن الكرامة أمها التي أرضعتها بثديها الأبي.. أزيز الرصاص وأرصفة الفقر ورغيف الجوع ومدن تسكنها الأشباح.. ومدجج بالسلاح وطفل يبحث في براميل القمامة..!



ثمن تلك الحرية التي رأيتها غداة يوم في خطابة كهل، وفصاحة عربي نطق حقا فعفروه أرضا.. وتلاقفوه تعزيرا وتنكيلا وقتلا، أعرابي مجد الحرية قهرا.. فقتلوه بسيف السطوة والجور والبغي..!



حمامة سلام راحت تبحث عن عش فراخها فكان الموت والدمار والأشلاء.. فعادت تردد بيتا حفظته الحرية ذات مساء:



لا تسقني ماء الحياة بذلة

بل اسقني بالعز ماء الحنظل



أرادوا تشويه الحرية قسرا وعبثا.. فوجدوا آباءهم قد ورثوا من أجدادهم مخطوطات.. تقول فيها الحرية: أنا لم أنجب أحرارا فقط.. بل إن الظلم هو من أرادهم أحرارا، الحرية ديوان عربي أصيل حاولوا نفيه وبالغوا في عزله.. فخلده التاريخ وأنصفته الجغرافيا.. وجدوه بيتا أراد صاحبه الهرب فخاف العار الأسود يلطخ وجهه طيلة عمره.. فعاد ونافح.. وناضل.. وناصر، وانتصر وهو يقول:



فصبرا في مجال الموت صبرا

فما نيل الخلود بمستطاع



يقال إن الحرية آثرت أن تموت جسدا وتبقى روحا في أجسادهم أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا.. الحرية رمز قومي لا يمكن سحقه، فالحرية قاموس مدينة من حب..!



لا تعرف الحب إلا في وجه العزة والكرامة والإباء.



ومضة:



يقول محمود درويش:



«لم نعد نعلم من هاجـر نحن أم الوطن..!».