الصهبة بقشة وغبانة وضرب الكف

شرّف وزورني دقيقة/ يا أبو حواجب رقيقة/ يا حالي الوجنتين آه مسكين

شرّف وزورني دقيقة/ يا أبو حواجب رقيقة/ يا حالي الوجنتين آه مسكين

الأحد - 07 سبتمبر 2014

Sun - 07 Sep 2014



شرّف وزورني دقيقة/ يا أبو حواجب رقيقة/ يا حالي الوجنتين آه مسكين..الكوبليه الأول واحد من قصائد يتغنى بها الصهبجية، ويطرب لها عشّاق الصهبة؛ في زمن مضى رسّخ في الذاكرة ارتباط هذا الفن بكبار السن؛ أو حسب المصطلح المكي «العتقية»؛ كما يطلق عليهم الجيل الحالي؛ والأصل فيها هو فن الموشحات الأندلسية.





جلسة مكيّة بامتياز يتراص عقدها اللؤلؤي؛ من العتقية الكبار في مجلس عربي، تزيّنهم «العمامة الحجازية والبقشة؛ في شكل حلقة يترأسها «الحادي»؛ الذي يبدأ الصهبة بموال كما أوضح العم غازي كابلي أحد مؤدي الصهبة؛ «الحادي يبدأ الجلسة بموال من عيون الشعر العربي الفصيح؛ ثم يبدأ الدور ويكون على مقامات الموسيقى العربية المعروفة؛ من أشهرها الحسيني؛ ويستمر الدور؛ حتى نصل للشبشرة وهي خاتمة الدور».





يا ليل مالك لا ترق لحالتي؟



ارتبطت الصهبة كما أبان كابلي «بالصنايعية من أهل البلد «البنّاء والسمكري وباقي أصحاب المهن والعمال؛ بعد تعب اليوم يجد هؤلاء نوعا من الترفيه؛ أثناء تأديتهم لفن الصهبة؛ والذي لا يعد فنا بسيطا؛ كونه لا يعتمد على آلات موسيقية»؛ وهي معروفة كما أضاف الكابلي بأسماء مختلفة في عدد المناطق العربية «معروفة في ليبيا بالمألوف؛ مبيناً أن كلمة تسمية صهبة جاءت من مصر؛ وسببها هو حالة الانتعاش والتجلي والطرب التي يصل لها الصهبجية.





على ماذا تقوم الصهبة؟



«من يجيد ضرب الكف يجيد نصف الصهبة»؛ بهذه الكلمات لخص الكابلي هذا الفن القديم معتبراً أن إجادة ضرب الكف تسيّر الرتم الموسيقي لغناء الصهبة؛ بالإضافة لما أسماه «النقاقير أو النقرزان»؛ الذي هو عبارة عن طبلة يضرب عليها بعصاوين؛ والدّم وهي طبلة أخرى في اليد؛ وجميعها مصنوعة من جلود الحيوانات.

أنت الخبر والمبتدأ في حياتي/ وأنت الضمير المستتر في الجفون.

حسب ما أوضح الكابلي كانت المقاهي؛ اللاعب الرئيسي لأجواء الصهبة كونها «تعتبر مقراً لصهبجية زمان؛ وانتشرت في ذلك الوقت المقاهي مثل قهوة باجراد؛ إلا أن الأكثر شهرة وارتباطاً بالصهبة كانت قهوة صالح عبدالحي في المسفلة؛ التي كانت حينها بمثابة بستان ومنطقة مفتوحة للترويح عن النفس.

في حين كانت البرحات مثل برحة أو بستان الفارسي؛ وغيرها التي كانت تقام في مواسم الأعياد أو المناسبات أحد أماكن إقامة الصهبة.





هل ماتت الصهبة بموت رجالاتها؟



في الوقت الذي يروي فيه العم غازي، ذكريات الصهبة؛ ويتحسر على فن قديم قدّم له وعمل على انتشاره؛ رجال لم يعد لهم ذكر إلا في ذاكرة العم غازي؛ ومن بقي من عشّاق هذا الفن؛ يبدو أن هناك محاولات لإعادة إحيائه؛ عبر جيل توارث الصهبة عن آبائه وأجداده؛ أو سمعه عبر أشرطة الكاسيتات المدفونة في زوايا البيوت المكيّة القديمة؛ كما أوضح محمد باسلامة طالب كلية العلوم الطبية التطبيقية؛ البالغ 21 عاماً؛ والذي أحبّها سمعاً، قبل أن يحالفه الحظ ويلتقي بأحد رجالاتها «حضرت صهبة العم صالح عسيري؛ وأحببت أجواءها والكلمات التي تُغنّى؛ وخاصة إيقاع الكف».





رجالات الصهبة ومحاولات خجولة لتطويرها



يحكي العم غازي أن محاولات إدخال آلات موسيقية؛ على فن الصهبة ارتبطت بأسماء فنانين مكييّن؛ من أمثال فؤاد بنتن؛ الذي قام بإدخال فرقة كاملة؛ ومن قبله فؤاد زكريا الذي قام بعمل أدوار الصهبة بالعود والكمنجات؛ بالإضافة لأسماء ما زال حضورها يطغى على مشهد الصهبة المكي؛ من أمثال المريعانية الأكثر شهرة في هذا المجال، ومنهم صالح مريعاني والشيخ محمد حسن فارسي؛ ويوسف مرزا وعمر عيوني ومعتوق سلطان وعثمان بنتن وعبدالله بصنوي.