القيادة على الصامت

الأربعاء - 01 فبراير 2017

Wed - 01 Feb 2017

قيل في الأثر»إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب». أثر تداوله الناس على مر السنين، ومعظمهم حاول تعميمه في كل الأحوال والأزمان. وأصبح منهجا وأسلوب حياة عند البعض، لدرجة تطبيقه لدرجة الإدمان، مع عدم مراعاة الحالة أو الظرف اللذين يمر بهما في تلك اللحظة.



لكن هذا المنهج له آثار سلبية في بعض المواقف، سنذكر أحدها هنا. فالكلام له طرق كثيرة، بعضها أغلى من الألماس.



أحد أنواع الكلام وأشهر الوسائل التي ابتكرها بنو البشر لذوي الاحتياجات الخاصة في القرن السابع عشر ميلادي، هي لغة الإشارة، لأن التواصل هو الحل الأنفع والأجدر للتعايش مع من حولنا. لو سألنا أنفسنا: لماذا فضل الأصم أو الأبكم، جاهدا، أن يتواصل مع من حوله بشتى الوسائل؟ لأنهما كالآخرين الأصحاء الذين لا يعانون من مشكلة الكلام، العموم يحتاجون التحاور والتفاهم مع من حولهم. يتواصل الجميع، إما لقضاء حوائج وإنجاز عمل، أو للاستئناس، أو حتى لدرء المخاطر. حديثك يجعلك واضحا للطرف الآخر.



نتذكر في هذا السياق قصة الفيلسوف اليوناني (سقراط) عندما وقف رجل وسيم وأنيق أمامه وأخذ يتباهى بملابسه، ويتبختر في مشيته، عندها قال له سقراط: تكلم حتى أراك. هذه القصة تنطبق تماما على سائقي المركبات بالذات. من هذا المنطلق وللسلامة المرورية القصوى سنت قوانين وشرائع لتنظيم الحركة المرورية، وضمان التواصل والتحاور بين السائقين أثناء القيادة تحت جميع الظروف. التواصل يساعد كثيرا على تقليل نسب الحوادث المرورية ومساندة القيادة الآمنة. القيادة الآمنة تحقق الحد الأدنى من السلامة المطلوبة أثناء القيادة في الطرق، ومن ثم الحفاظ على الأرواح والممتلكات.



نقول: لا للقيادة على الصامت، هي مرفوضة تماما، والصمت هنا لا يستحب بتاتا. مثلا، هناك الكثيرون من قائدي المركبات يغيرون مسار المركبة بدون إشارة، أو ينحرفون يمنة ويسرة دون سابق إنذار للسائقين الآخرين. أيضا من الممكن أن تواجه قائدا يقف فجأة بدون سابق إنذار. هؤلاء هم أشخاص خرس لا يفهمهم من حولهم. فعلهم هذا أرعن وأخرق قد يتسبب في عواقب لا يحمد عقباها.



ختاما، أقول إن واجهت القائد الصامت يجب عليك زيادة جرعة الحذر وتوقع الأسوأ منه حتى تسلم. حاول دائما أن تطبق مبدأ القيادة الدفاعية أو الوقائية. عندما تكون خلف المقود اجعل شعارك «أنا أتحدث، إذن أنا موجود»، فالإحصائيات العالمية ترجع ما تزيد نسبته على 80% لقائد المركبة كمسبب للحوادث، والنسبة الباقية تعود لحالة المركبة، أو لحالة الطرق، وأسباب أخرى.