عبدالله المزهر

الإنسان يبدأ رحلة العودة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 01 فبراير 2017

Wed - 01 Feb 2017

الأمور ليست سيئة كما تشير «كل» الأحداث التي تقع في كوكبنا، لكن مشكلتنا ككائنات بشرية أننا كائنات مستعجلة، نريد أن يحدث كل ما نريد الآن، ونحن مستعجلون لأن المستقبل سيعيشه آخرون، ولا شأن لنا بما سيحدث لهم وكيف سيتصرفون. ونحن مؤمنون جميعا بأن الكائن البشري حين يكف عن الحياة فلن يكون الصراع فوق الأرض من ضمن اهتماماته، ولن يعنيه من سيصبح رئيسا لأمريكا ولا من سيفوز بانتخابات فرنسا ولا من سيحكم لقاء الديربي، ولن يكون الكساد والفساد والبطالة والعنف والإرهاب من الأمور التي ترعبه حين يفكر فيها وهو يتخيل المستقبل.



لذلك فإننا نهتم بما يحدث ونحن أحياء، ونريد أن نشاهد التغيير لأنه لن يكون مفيدا لنا حين يحدث ونحن في العالم الآخر. وهذه أنانية بالطبع، لكن الأنانية ليست تهمة موجهة للإنسان، بل هي من صفاته الرئيسية التي تميزه عن بقية الكائنات الأخرى.



نريد أن نعمل الآن وأن نحصل على رواتبنا الآن، ونريد أن يتعلم أطفالنا تعليما حقيقا، ونريد أن نجد علاجا وطرقا وعدلا وإنصافا وأمنا وحياة. هذه أحلام كل المخلوقات البشرية بكافة أعراقها وألوانها وأديانها ومذاهبها.



والذين يفسدون حياة البشر بالحروب والظلم والاستبداد هم في الحقيقة يحاولون إصلاح حياتهم هم، حتى المسحوقون والمظلومون هم مجرد أناس لم تتح لهم الفرصة ليكونوا في الطرف المقابل.



وعلى أي حال..

لو لم يكن الإنسان أنانيا لكان سعيدا بما يحدث الآن، لأن كل الأحداث تشير إلى أن المستقبل ـ الذي قد لا نعيشه ـ لن يكون فيه بطالة ولا شركات تفصل مواطنيها، ولن يكون هنالك أي حديث عن العلاوات والبدلات والإجازات في الوظائف الحكومية، لن تكون الرواتب مشكلة تؤرق أحدا، حتى العملات النقدية لن يتعامل معها أحد إلا كذكريات أو آثار من آثار الغابرين، وسيختفي مصاصو الدماء والبنوك ولصوص محلات الجوالات وسارقو إطارات السيارات. كل ذلك سيكون في وقت ما من الماضي الذي سيتذكره الإنسان، كل ذلك سينتهي لأن الإنسان في طريقه إلى العودة إلى الحياة البدائية التي عرفها أسلافه في العصر الحجري.