محمد العوفي

نزاهة ومؤشر مدركات الفساد.. لا جديد!

الاثنين - 30 يناير 2017

Mon - 30 Jan 2017

في كل مرة أحاول أن أجد مبررا لتأخر ترتيب المملكة في مؤشر مدركات الفساد (CPI) الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية أفشل في ذلك، وأعيد النظر مرارا وتكرارا في أسباب ذلك التراجع ولا أجد مخرجا لذلك، لأن جميع مقومات محاربة الفساد نظريا موجودة لدينا، فنحن مجتمع إسلامي لدينا قيم فاضلة وأخلاق حميدة تردعنا عن الفساد، حاولت «نزاهة» استثارتها بمزيد من المحاضرات والندوات، ولدينا جهاز حكومي حديث لحماية النزاهة ومكافحة الفساد «نزاهة» منح كل الصلاحيات التي تمكنه من القضاء على الفساد، وعطفا على ما سبق فإنه يفترض أن يكون ترتيب المملكة في مقدمة الدول الأكثر شفافية ونزاهة.



لكن التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية حول مؤشر مدركات الفساد (CPI)، الذي يبين الدرجات والمراتب التي تحصل عليها الدول، بناء على التصورات المتعلقة بانتشار الفساد في القطاع العام، وضع المملكة في المرتبة 62 عالميا لحصولها على 46 درجة من 100؛ وبذلك تتراجع المملكة 14 مركزا عن تصنيفها (48) في العام الماضي، وسبعة مراكز عن تصنيفها في العام الذي سبقه 2014.



اللافت في الأمر أن التراجع هذه المرة بأكثر من عشرة مراكز، وبعد أربعة أعوام متتالية من التقدم في المؤشر، ويحدث في خضم تحولات اقتصادية كبيرة تمر بها المملكة، سيكون مؤشر مدركات الفساد أحد عناصر المفاضلة التي ستعتمدها الشركات الأجنبية لتقييم السوق السعودية بشكل عام، ولا سيما أن المنظمة بينت أن الدرجات المتدنية تعكس انتشار الرشوة على نطاق واسع، وعدم تطبيق عقوبة للفساد، إضافة إلى كثرة المؤسسات التي لا تستجيب لاحتياجات المواطنين.



التراجع الكبير في التصنيف لم يحرك ساكنا، ولم يغير محتوى بيان نزاهة كثيرا عما سبقه من تصريحات؛ ففي كل مرة يصدر تقرير منظمة الشفافية الدولية، تؤكد «نزاهة» أن ترتيب المملكة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2016 لا يعكس الوضع الطبيعي للمملكة بسبب استمرار نقص الكثير من المعلومات التي تستقيها المصادر التي تعتمد عليها المنظمة، وأنها تعول كثيرا على استمرار تعاون الجهات الحكومية المعنية مع الهيئة، بتوفير المعلومات المطلوبة، ونشرها عبر مواقعها الالكترونية وتحديثها وتزويد المنظمات المختصة بها في حال طلبها، إضافة إلى تزويد الهيئة بتقارير وافية عنها، كي تتولى توفيرها في اللقاءات الدولية واتصالاتها مع الجهات والمنظمات المختصة، وهي التي اشتكت في تقريرها السنوي غير مرة تحت قبة الشورى من عدم تعاون الجهات الحكومية معها.



صراحة لا أعرف ماذا تريد نزاهة من مثل هذه التصريحات؟ فالعام يمضي تلو الآخر ونقص المعلومات مستمر سواء في حال التقدم أو التراجع في التصنيف؛ فالمبرر واحد في كلتا الحالتين دون أن تقدم نزاهة ما هي المعلومات الناقصة؟ وماذا عملت لتزويد الجهات والمنظمات المختصة التي تعتمدها المنظمة بتلك المعلومات إذا ما علمنا أن الجهات التي تستقي منظمة الشفافية البيانات منها معروفة (البنك الدولي والمعهد الدولي للتنمية الإدارية والبنك الآسيوي للتنمية)، مما يسهل التواصل معها وتزويدها بالمعلومات اللازمة.



ما ذكرته «نزاهة» مرارا وتكرارا في بياناتها التي لم تتغير صيغتها طوال الأعوام الماضية حول نقص المعلومات يدينها، ويضعها في دائرة القصور في أداء دورها ورسالتها، ولا يعفيها من مسؤوليتها في مكافحة الفساد وتحسين صورة المملكة والتواصل مع الجهات والمنظمات المختصة التي تعتمدها المنظمة، وتزويدها بالمصادر أو المنظمات التي تعتمدها المنظمة بالمعلومات المطلوبة.





[email protected]