عبدالله الجنيد

البحرين

الاحد - 29 يناير 2017

Sun - 29 Jan 2017

رغم أن مساحة البحرين الإجمالية نحو 760 كلم مربعا، إلا أنها رقم صعب في المعادلة السياسية الإقليمية، فقد أريد للبحرين أن تكون النموذج الأول خليجيا كنظام محاصصة طائفي برعاية دولية، إلا أن الإرادة السياسية الوطنية والخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حالت دون ذلك، فاستمر استهداف البحرين والسعودية بالإضافة للإمارات إعلاميا بشكل خاص.



والمتابع لحجم ما أفرد من نقاش للبحرين من المنظمات الدولية والإدارة الأمريكية السابقة تحديدا، سيخال أن البحرين بمساحة ولاية تكساس أو أنها تعيش أزمة مماثلة لسوريا وليبيا أو العراق. وإسراف المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في نقاش البحرين (وهنا أتناول الموضوعية ليس إلا) دون النظر بموضوعية لحق البحرين في الأمن والاستقرار يعد ارتجالا إن لم يكن جزءا من مشروع تأصيل المحاصصة الطائفي.



فلو استفتي سكان العالم اليوم على بقاء الأمم المتحدة من عدمه، لصوت الجميع على حلها كمنظمة عديمة النفع لم تنتج غير خيبات الأمل وتشريع الفوضى. البحرين أصغر من أن يختصم فيها بالسلاح، والبحرين أخطر على الجميع حتى بالتفكير في الاختصام بالسلاح فيها، إلا أن الحقيقة المؤكدة أن على الإرادة الوطنية عدم التردد في إنفاذ إرادة القانون في حق كل من يهدد أمن واستقرار البحرين ومواطنيها، فإن كان رائحة بارود الهجوم الإرهابي الذي استهدف المؤسسة الإصلاحية (سجن جو) جنوب البحرين في الأول من يناير 2017 بالإضافة للاعتداء الآخر في 15 يناير قد زالت، إلا أن آثار الصدمة ما زالت ماثلة في وجدان كل بحريني وخليجي.



فهذا التصعيد الإرهابي يجب أن يقرأ بأبعاده الثلاثية لا الأمنية فقط. فالعمليتان نفذتا من قبل النسق الأول من الخلايا التابعة للحرس الثوري الإيراني في البحرين، بالإضافة لعمليات مماثلة لها في الضفة الغربية من الخليج العربي، وفي القطيف تحديدا. فكلها نفذ دون أي إفراط في استخدام السلاح (عملية اختطاف القاضي الجيراني في القطيف، سجن جو في البحرين)، مما يدل على انضباط عالي المستوى ممن نفذها، وتدليل أكبر على ما وصلت إليه تلك الخلايا من حرفية وانضباط. إلا أن نجاح الثانية بذلك الشكل ما كان ليتحقق لولا التواطؤ من الداخل، كما أعلن عنه وزير الداخلية البحريني لاحقا.



وعموما ليست العملية أو الاختراق ما يجب أن يشغلنا بقدر رسائلها السياسية، وما لحقها من إعلان أحد قادة جمعية الوفاء الإسلامي البحرينية الإرهابية من منفاه الاختياري وقوفه مع سرايا الأشتر الإرهابية في حمل السلاح في البحرين.



حقيقة إن ما دفع إيران عبر قيادة الحرس الثوري إلى الإيعاز لخلاياها بتنفيذ تلك العمليات هو أولا إدراكها القطعي أن انكشاف أمر تلك الخلايا بات مسألة وقت فقط، وثانيا للبناء سياسيا على نجاح روسيا وإيران في القضاء على المعارضة السورية في حلب، لذلك أرادت إيران استعراض عضلاتها خليجيا في محاولة لتخفيف الضغط عن حليفها الحوثي في صنعاء عبر الابتزاز السياسي للمملكة العربية السعودية في البحرين، فجاءت النتائج معاكسة للأهداف الإيرانية، فالعمليتان بالإضافة لإعلان حمل السلاح في وجه سلطة شرعية عجلا في إجبار حواضنها السياسية على التبرؤ منها،



إلا أن السؤال الأوجب في استحثاثنا على فهم أسباب ارتفاع وتيرة الإرهاب من قبل تلك الخلايا الإرهابية الإيرانية الولاء في البحرين والسعودية في حين لا نجد صدى لها في الكويت على الرغم من اكتشاف عدة خلايا ومكامن سلاح.. هل الدافع في ذلك سياسي بحت، أم هو مدفوع بدوافع أخرى؟ فمهما بلغت حالة الاستهداف المباشر بكل الأدوات لاستقرار البحرين إلا أن الكويت تبقى الهدف الاستراتيجي الأول لكل مشاريع إيران الإقليمية. فإيران تستهدف البحرين لافتراضها خطأ أنها بذلك تستطيع استنزاف المملكة العربية السعودية سياسيا، في حين أن خلاف ذلك هو الصحيح.



[email protected]