ترفيه للأغنياء فقط

الأربعاء - 25 يناير 2017

Wed - 25 Jan 2017

استبشر الشعب السعودي كثيرا باستحداث الهيئة العامة للترفيه، والتي تناولتنها وسائل الإعلام على امتداد العام الماضي، وأبحر الشعب سواء في مجالسهم أو حساباتهم التواصلية في الآمال والتطلعات. وفعلا بدأت الهيئة أولى خطواتها والجميع يتطلع بترقب شديد لهذه الخطوات كترقب أبوين لطفلهما الذي يخطو خطواته الأولى.



هيئة الترفيه هي الحلم الذي راود السعوديين طويلا لإيجاد بدائل عن (كشتات البر)، جاءت الهيئة ومعها كمية من الوعود والخطط والاتفاقات والميزانيات المرصودة، وأبرزها إلى الآن هو التوقيع مع شركة سكس فلاجز (الأعلام الستة) العالمية الترفيهية.



فبعد أن كان الترفيه حكرا على الأغنياء الذين لديهم المقدرة على السفر خارج المملكة للحصول على الترفيه الذي يطمحون له أصبح من الممكن للمواطن العادي الذي لا يكاد يغطي أعباءه المالية أن يحصل على الترفيه الذي كان يحلم به طويلا، وسيرى المرافق والفعاليات التي كان يسمع بها فقط ولم يرها على أرض الواقع، وسيوفر عناء الادخار المضني لرحلة لدبي يلبي بها رغبة زوجته وأبنائه الملحة في السفر للتنزه.



ومؤخرا بدأ المواطن يرى ما تفعله الهيئة بإعلانها بالتعاون مع شركة روتانا عن تنظيم حفل غنائي لكل من الفنان محمد عبده ورابح صقر وماجد المهندس، حيث تناولت الأوساط هذا الخبر بين شد وجذب وبين مؤيد ومعارض، ولسنا هنا للتفصيل في ذلك.



ولكن ما يجعلني أحس بقليل من الإحباط هو أسعار التذكرة التي أعلنتها الجهة المنظمة للحفل وبأنها ستتراوح بين 350 و2500 ريال، وفي هذا التوقيت؟ وإذا افترضنا أن روتانا هدفها ربحي بحت، المأمول من هيئة الترفيه أن يكون هدفها أسمى من ذلك، وهو الترفيه عن المواطن الضعيف، ولكنهم نسوا أو تناسوا بأن هذا المواطن الضعيف غير مستعد أن يضحي بهكذا مبلغ فقط ليهز رأسه ويتمايل على ترانيم أبونورة أو إيقاعات رابح ونغم المهندس.



أما إذا كان توجه هيئة الترفيه فقط لإتاحة أماكن وسلخ العالم برسوم دخول ضخمة فإن المستقبل لا يبشر بغد أفضل لهذه الهيئة. إن الترفيه ليس حكرا على الأغنياء والمقتدرين في هذا البلد بل السواد الأعظم هم من أصحاب الدخول المتوسطة إلى الضعيفة والذين يحق لهم كما يحق لغيرهم الترفيه والترويح عن أنفسهم. وأعتقد أن حكومتنا الرشيدة عندما أقرت هذه الهيئة ورصدت لها الميزانيات كان هدفها واضحا في تحسين الحياة المعيشية للشعب السعودي كافة.



القائمون على هذه الهيئة ينبغي لهم مراجعة الحسابات في الرسوم التي يتم وضعها سواء للحفلات أو المرافق أو الفعاليات. فحفل المطربة العالمية (آديل) الذي سيقام في يوليو المقبل في ملعب ويمبلي بلندن تتراوح أسعار تذاكره بين (45 – 142 جنيها إسترلينيا) أي ما يعادل 207-653 ريالا سعوديا!



قد يأتي البعض ويقول إن هذا الكلام سابق لأوانه وما زال العمل في أوله، وأقول لهم أتمنى ألا تصدق توقعاتي المتشائمة، ولكن إذا كانت أسعار تذاكر حفل غنائي بهذا المبلغ «المبالغ» فيه، فكم ستكون أسعار دخول متنزهات الأعلام الستة؟