متى تقود المرأة سيارتها؟

الأربعاء - 25 يناير 2017

Wed - 25 Jan 2017

في ظل توسع فرص العمل للمرأة السعودية، أصبحت قيادة النساء للسيارة، ضرورة ملحة، وحاجة بالغة، واستمرارية حظرها ومنعها هو استمرار المعوق الذي يعد أحد أهم العوائق للتنمية والنمو لبيئات العمل في المجتمع، البيئات التي تحتاج إلى وسائل مهمة لسبل الراحة، والمواصلات تشكل محورا أساسيا لهذه السبل، فإذا كانت السيارة لا تتحرك إلا بسائق أجير، يقبض المال معاشا آخر الشهر، أو لا تتحرك إلا بوجود عنصر ذكوري يقودها، فإن هذا هو المعضل الذي قد يعطل الأعمال والمصالح.



أعتقد أن تحجيم مسألة قيادة المرأة للسيارة، من قبل المحجمين والمتخوفين من نيل المرأة أبسط حقوقها، هو سبب تأخر هذا الحق المعرفي، ففي الحقوق مسارات يجب ألا تنحرف عنها، فالحقوق عندما يراد إقرارها، فإنها لا تخضع لرأي الغالبية في استساغتهم لها، متى ما حل الوعي فيهم، ومتى ما حل الإدراك لضرورتها ولزومها.



عندما تحسم هذه القضية في الوقت الراهن، ويتم السماح لقيادة المرأة لسيارتها، ستكون هناك نقلة نوعية فذة من نوعها في حال المرأة بالمجتمع، نقلة تضع محاربي الحقوق على أرض الواقع، وتجعلهم يدركون تماما أن قيادة النساء للسيارة بأنفسهن، آمن من خلوهن مع سائق أجنبي، فالمتزمتون يرفضون قيادتها للسيارة، مع أن الداعي للاضطرار للخلوة بسائق أجنبي هو حظر قيادتها، فكيف يفكر هؤلاء المتشددون؟



متى تقود المرأة سيارتها؟ سيظل هذا التساؤل محوريا لا ينقطع، وسيظل يعاود التفكر والتعجب عندما تقف في كل إشارة ضوئية، ملتفتا يمنة ويسرة، ترى فيها رجلا أوتي به من مكان بعيد لأجل أن يقود بامرأة راشدة، اضطرت إلى استقدامه بسبب منع القيادة.



في كل مجتمع توجد كتل متأخرة، ولكن المجتمعات المتحضرة تختلف في تعاملها مع التأخر، فهي تسعى جاهدة في معالجته ومداواته، أما المجتمعات المتأخرة فهي تنمي تراجعها من خلال التقاليد الانتقائية بلا مبررات دينية ولا عقلانية، فتجد من يدافع عن تخلفها بالبراهين الظنية اللاعقلانية، كالنظرية العجيبة التي تقول: إن قيادة المرأة للسيارة فيها مفاسد، لأنها عندما تقود، قد تذهب إلى عشيقها!



إن هذه النظرية تعطي مفهوما ودلالة واضحة على أنه يستحيل على المرأة مقابلة عشيقها إلا من خلال قيادتها للسيارة، مع أنه بإمكانها مقابلة من تريد، بلا قيادة سيارة ولا طيارة، ولكن بعض العقول التقليدية القديمة التي لفظها العصر الحاضر، ترفض حقوقا للمرأة في أساسها، وتوظف هذا الرفض وتلبسه بالعشيق الغارم الذي قد تذهب له من جهة، ومن جهة أخرى، من يوظف مبايضها والوظائف البيولوجية لها، لإقرار نظرية ظنية أخرى، فمثل هذه النظريات، تتضارب تضاربا صارخا مع العقل والدراسات العلمية. كل هذا سوف يسجله التاريخ كما سجل نظريات الرافضين لتعليم المرأة آنذاك، وعندما وضعوا على أمر الواقع بإقرار من قبل النظام السياسي، أدركوا بعد حين، ضرورة التعليم لكافة العناصر دون تمييز عنصري يميز الذكر من الأنثى، فنجدهم حالا يعلمون أبناءهم وبناتهم دون استثناء، بل تجد بعضهم يدفع الغالي والنفيس من أجل تعليم أبنائه في مدارس وجامعات أهلية داخل الوطن أو خارجه. القرار السياسي عالج تعليم المرأة وتأقلم المجتمع مع هذا التعليم، إذن، متى تقود المرأة سيارتها؟!