هادي عبدالله الحكمي

آه من فقد الحبيب

السبت - 21 يناير 2017

Sat - 21 Jan 2017

فجعت قلوبنا وأدمت لهول الفاجعة أعيننا فجر خميس مضى في الثلاثين من ربيع الأول لعام 1438 من الهجرة، برحيل شيخ سكن الوجدان ونقش في المقل أجمل ابتسامة يحملها إنسان، وأنقى فؤاد ينبض حبا، وينشر عبيرا وينثر عطرا لمن يعرف ومن لا يعرف فجميعهم في ناظريه إنسان.



لقد رحل عمي الشيخ محمد بن عبدالله النعمي وما أقسا هذا الرحيل وما أشده من فقد، هو والد زوجتي، ومعلم سابق بمعهد جازان العلمي، وابن قرية خضير ووالد لأبنائها ومعلمهم، وإمام مسجدها وبلبلها الصداح وصافيها.



رحل من أهداني درّة من درر قلبه، وريحانة من رياحين بيته، هي فلّة منها أشتم رائحة عبير يحبها ويسعد عند رؤيتها وتقبيل رأسها والحديث معها ومداعبة أطفالها.



رحل شيخي الذي عرفته قبل 11 عاما، فهو أول من قابلت عند انتقالي إلى معهد جازان وأول من في مجلس بيته استقبلت، وأول من حمل لي بشارة القبول والتشريف وبداية السعادة.



رحل عن العيون وما أقساه من رحيل على قلبي وعلى قلوب طلابه وزملائه ورفقاء مسجده، على أصدقائه وعشاقه ومحبيه وفلذات كبده، ما أقساه على قلب كل فقير عرفه، وعلى قلب كل امرئ صلى خلفه أو حادثه، وعلى أبناء الحي والقرية والمعهد، على الشيخ الفقير والطفل الصغير، على الشباب وعلى نساء البيوت.

رحل عن الدنيا صاحب القرآن وحامله ومرتل آياته، ذو الصوت الشجي والنبرة العذبة، مطرب الآذان ومشنّف المسامع وممتعها.



رحلت روحه عنا وخلفت وراءها ذكريات جميلة لا تنسى؛ في بيته، في أحضان مزرعته، في مزرعة أمي وشواء «الشويط»، في الرياض، في كل شبر داخل غرف المعهد وفي «أسيابه»، في غرف بيتي التي شرفت باحتضانه وأنست به، لقد ترك فراغا كبيرا في قلبي وفي قلوب الكثيرين لا يشغله أحد سواه، وجرحا غميرا لا يبرؤ، وحزنا لا يهدأ ودمعا لا يجف، وقلبا إليه تواق ولسماع عبارة (الله..الله) عند الإعجاب مشتاق.



رحل أبوالغالية وجدّ لمار وعبدالله ونور أعينهم، رحل الصديق والزميل، الأخ والوالد، الحبيب والأنيس، رحل وترك خلفه آهات وأحزانا، لكنه في القلب باق فهو نبضه وفي العقل يحيا فهو فكره، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا أبا يحيى لمحزونون، إنا لله وإنا إليه راجعون، وأسأل الله أن يجبر كسر زوجتك وأبنائك وبناتك وأمك وأختك وأخويك وجميع محبيك، وأسأله أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء».