موعدنا بفقيد قادم

الاثنين - 16 يناير 2017

Mon - 16 Jan 2017

سنة الكون وبأمر الخالق ولن نجد لسنته تبديلا، عليها نسير وبها نؤمن وقع صدمتها يتحدى الصبر، والصبر يتحدى الإيمان بالقضاء والقدر، فقيد تحت الثرى ومشاعر معه فقيده، في تربة محاطة بسور قد مر به كثيرا مرددا دعاء كتب عليه: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا -إن شاء الله- بكم للاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، واليوم أودع بترابه ومضى الزائرون يرددون نفس الدعاء.



من الناحية الأخرى لمشهد الوداع «منزل أهل الفقيد، قلوب نساء تعتصر وبكاء صامت يكاد يعجز عن لفظ حجم الألم احتسابا وصبرا، تتوافد (المعزيات) بصوت بكاء يقشعر له الأبدان ويزلزل أركان الصبر لأهل الفقيد بعد صراعهم له لنرى الأم أو الأخت أو الابنة تنهار متوسلة لهم بالكف وتذكرهم بأجر الاستغفار والاحتساب (انعكست الآية والغرض من التعزية)، فمنذ دخولهن نحيب يتعالى وترديد لمحاسن الميت وكلمات أشبه بالندب، فلم يبق إلا اللطم ليكتمل المشهد المنهي عنه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية».



وبعد سويعات قليلة تجهز الموائد بطريقة تنافس موائد الأعراس قريبا، تتقدم المعزيات دون أهل الفقيد، ويا ليتهن يتناولنه بصمت، بل وسط أحاديث المجتمع لجميع المحافل ويتشعب لأحاديث بمهام القطاعات ونصائح ولربما نجد من توزع بطاقات دعوة لحفل زواج لأنها لن ترى هذا الجمع من النسوة إلا في لقاء بمنزل فقيد قادم، وهنا امرأة منعت من تناول اللحم تطلب (قطعة جبنة وخبز) وأخرى لا تقدر على ابتلاع الطعام دون (مخللات) فقد أصابها اختلاف بضغط الدم بعد الصياح وتذكر الراحلين من الأجداد والأنداد، وبعد الانتهاء يحملن ما تبقى معهن «ربما هنا أتين بفعل حسن، وما بين وجبة الإفطار من الساعة الثامنة صباحا وحتى وجبة العشاء» (مقهى تحت خدمتكم 24 ساعة بقائمة مشروبات ساخنة وباردة جميع الأنواع، مع تحيات أهل الفقيد)، كل ذلك خوفا من تداول الأحاديث عنهم بعد انتهاء فترة العزاء، للأبناء من أسبوع إلى شهر، وللزوج بانقضاء العدة.



مبالغات في الحقوق والواجبات وتساهل في التوجيهات الشرعية التي نصت قوانينها لمراعاة الإنسانية، لو وضع كل إنسان موضع الآخر لما احتاج للتوجيه نحو الصواب.