النيرة غلاب المطيري

فكرة الانتصار

الاثنين - 16 يناير 2017

Mon - 16 Jan 2017

فن المواجهة من المهارات التي يجب أن ندرب أنفسنا على اكتسابها وتطويرها وتعزيزها بداخلنا، وتعويد أبنائنا على ممارستها، المواجهة تتجسد في الشجاعة، الثبات، وضوح المواقف، جرأة الطرح والقدرة على النهوض مجددا مهما اشتدت بك حمى المعارك من حولك، فهي من الفنون التي تكسبك الثقة بالنفس واتزان الفكر واحترام العدو قبل الصديق، ومع مرور الوقت تصبح من الشخصيات المؤثرة الملهمة للكثيرين.



يعتقد البعض أن المواجهة مرادفة للندية، وهي صفة عادة تكون ملازمة للشخصيات المحبة للظهور، المفتعلة للمشاكل، وكثيرة الجدل، وهو اعتقاد خاطئ، فشتان بين الاثنين.



عندما يعبر الشخص عن رأيه بطريقة منطقية تقوم على فهم ودراية وتختلف عن رأي الجماعة ليس بالضرورة «خالف تعرف»، ولكنه قد يكون الوحيد الذي فهم الموضوع جيدا وناضل لنصرته، فيكون اصطدامه مع أفراد جماعته «مواجهة شجاعة».



المريض المصاب بمرض عضال، والذي يئس الطب من علاجه، وكثرت حوله نظرات التعاطف ومشاعر الشفقة، فبينما هو كذلك نجده قد خلق لنفسه عالما آخر يسوده التفاؤل وحسن الظن بالله، وأن هذا المرض قد يكون بداية له للوقوف مجددا، وهو بذلك كأنه يبعث برسائل إيجابية لكل من حوله بأنه واجه المرض ببسالة وهزمه بتحديه وإصراره على الاستمتاع بكل دقيقة ثمينة تمر من عمره، هنا كانت المواجهة شجاعة ملهمة.



طالب تخرج في الثانوية العامة، وقد كان حلمه أن يصبح مهندسا معماريا الذي يتعارض مع رغبة الأهل بأن يصبح طيارا، لم يستسلم، واجه الجميع وأقنعهم بجدية حلمه وإصراره على تحقيقه، وأنه ليس من حق أي شخص أن يحدد له طريق مستقبله، فهو الوحيد القادر على اتخاذ مثل هذا القرار والذي يستند على حدود إمكانياته وسقف طموحاته، هنا كانت المواجهة مصيرية لإثبات الذات والهروب من براثن الفشل.



الانتصار الحقيقي في المواجهة هو أن توقد فتيل «فكرة الانتصار» بداخلك بالإيمان والأمل والعزيمة والإصرار أيا كانت طبيعة المشاكل التي تواجهك (عائلية – إنسانية – صحية - عملية)، وأيا كان عمرك وجنسك وأدوارك الاجتماعية، فالاستسلام يولد الانكسار، والانكسار هو أساس الذل والانهزام، وهو الانتحار البطيء لكل حلم جميل آمنت به، ولكل أمل في المستقبل رسمته، ولكل عمل شريف ناضلت من أجله، ولكل رسالة سامية كافحت لإيصالها.



كفانا إحباطا لذوات كانت أشبه «بالشيطان الأخرس»، أما آن للحصان الجامح الأصيل في داخلنا الخوض في مضمار السباق من جديد بروح مشبعة بالأمل والتفاؤل والقدرة على التحدي للوصول إلى خط النهاية وإن طال الطريق، وكثرت الصعاب، وتعالت أصوات المحبطين، لننهض من جديد بروح قتالية عالية، وبنفس تطاول العلياء، وبهمة شامخة تتوق للعطاء، لا يكسرها حزن ولا ألم، لنجعل من الألم أول خطوة في طريق الانطلاقة الجدية لحياة إيجابية، ولنجعل من الحزن مفتاحا يفتح لنا نوافذ الأمل الخضراء، ما خلقنا لننكسر وننهزم، بل خلقنا لنعمر ونبني ونصلح ونواجه بصبر ونقاتل بشرف ونعمل بتفاؤل وتوكل صادق على الله سبحانه وتعالى، وبإذن الله سننتصر بالثقة بعطائه وكرمه اللامحدود، وأنه لا أحد يستطيع أن يغلق بابا فتحه الله لنا.