عبدالله المزهر

لا يستخدمها ولا يراها إلا الضيوف!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 07 يناير 2017

Sat - 07 Jan 2017

في الغالب تكون منازل الآخرين مرتبة وكل شيء في مكانه، وجدرانهم وأرضياتهم يكاد بريقها يأخذ الأبصار، بينما الوضع في منازلنا أقل ترتيبا ولمعانا. والسبب ببساطة أننا لسنا زوارا في منازلنا، ولن يزعجنا تأجيل ترتيب الرفوف أو تجاهل الفوضى التي يحدثها صغارنا، ولن يؤذينا كثيرا رؤية مخدات النوم في صالة الجلوس، أو حتى رؤية مواعين المطبخ في المجلس، بينما هؤلاء الآخرون يعلمون بقدوم الزوار إليهم فيستعدون ويجملون دورهم ويضعون كل شيء في مكان مناسب.



حين ننظر للأمر من هذه الزاوية فإننا نتفهم كثيرا ما يقوم به المسؤولون الأصغر حين يزور مناطقهم مسؤولون أكبر. وحين رأيت مقطعا لعمال البلدية وهم يرفعون الأشجار التي وضعت في الشوارع التي سيمر منها أمير المنطقة تذكرت ما يحدث حين يغادر الضيوف منزلنا، نبدأ في إعادة الأشياء لمخابئها وإخفاء المزهريات وإبعاد التحف المستعارة التي وضعناها في كل مكان قد تلمحه عين الزائر.



في الشوارع المهترئة وفي المدن والأحياء التي تصلها الخدمات عرجاء مريضة وقد أعيتها وعثاء السفر يكون الأمير أو الوزير أو المسؤول ضيفا عابرا، سيرحل ويعود إلى مكانه محتفظا بصورة جميلة، بينما في هذه الأماكن فإن المواطن صاحب دار، معتاد على منظر الفوضى وعلى رؤية الأعمدة التي حنى ظهرها الزمن ومعتاد على التعامل مع الحفر وينظر إليها بشيء من التقدير والإجلال فهو يعتبرها تجاعيد وجه الشوارع، وهو مؤمن أن هذا ما يفعله الزمن بكل الوجوه.



عند قدوم المسؤولين فإن الناس يشاهدون الشوارع وهي تكتسي حللا جديدة، ويشاهدون أشجارا تنبت في يوم وليلة وأرصفة تظهر من العدم، وأظنهم يتقبلون هذا الأمر ويتفهمونه ولا يرون فيه أي نوع من أنواع الفساد والخداع والهدر غير المبرر.



وعلى أي حال..

فزينة الشوارع ونظافتها وصلاحيتها للاستخدام الآدمي وحتى توفر الخدمات فيها كلها أشياء لا يليق أن تكون موجودة ومتوافرة طوال أيام العام، هي مثل طقم الفناجين الذي لا يستخدمه أصحاب المنزل ولا يراه إلا الضيوف.