السلطان يكشف عن تفاصيل الأنا والآخر في فلسفة العزلة

السبت - 07 يناير 2017

Sat - 07 Jan 2017

أكد الباحث سليمان السلطان أن حالة اغتراب الإنسان في الحداثة التي عبر عنها الشعراء في القرن التاسع عشر هي انعكاس لاغتراب الأنا عن الآخر والعالم، وهنا العزلة ليست غربة، بل بعكس ذلك، هي عودة الذات إلى نفسها، ومن ثم العودة إلى تجربة العالم والآخر، حيث لا برزخ يفصل بين كل هذه الأقطاب الثلاثة: الأنا والآخر والعالم.



وأضاف السلطان خلال ورقة بعنوان «الأنا والآخر في فلسفة العزلة» ألقاها مساء الأربعاء الماضي ضمن أنشطة الحلقة الفلسفية بنادي الرياض الأدبي أحال العلم العالم إلى مجرد آلة ميكانيكية ضخمة وصماء عزلت تجربتنا بالعالم، مشيرا إلى ما قاله المفكر كوهلن في كتابه «الإنسان في عصر التقانة» إن الحالة الجديدة التي وجد الإنسان نفسه فيها في عصر تتحكم به الآلة، فالطبيعة الإنسانية ظلت كما هي، لكن عالم الإنسان وبيئته تغيرت بكثافة حضور الآلة، وهو أمر خلق شقا بين الطبيعة البشرية والبيئة الحداثية، يقول كوهلن «حدث تقدم التكنولوجيا الحثيث الخطو بمصاحبة وثيقة مع العلم الطبيعي والإنتاج الرأسمالية.... وكل هذه العوامل تجاوزت مملكتها ولا يمكن توقع أن هذا الحدث التاريخ الخطير لن يترك أثرا على الوعي الإنسان».



ميتافيزيقا الحداثة



وذكر السلطان أن هيدجر وصف التكنولوجيا بأنها ميتافيزيقا الحداثة لأنها تحجب الوجود كما كانت ميتافيزيقا أفلاطون، يقول واصفا ذلك «إن ما ندعوه تقنية ليس فقط عبارة عن أداة ينبغي على الإنسان أن يجيدها، بل هي قبل كل ذلك نمط تأويل للعالم وهذا ما يجعل التقنية لا تقبل التحكم بها إلا بعد أن نخضع لها من دون شروط».



العزلة والأنسنة



وذكر السلطان أن الباحث كوتش لاحظ أن تجربة العزلة تنطوي على نوع من شخصنة الأشياء من الجمادات المحيطة بالمعتزل، أي أنها تعطي طابعا بشريا للأشياء، وكأن بيننا وبينها علاقة حميمية.



من أفكار المحاضرة



- ثمة حاجة إلى مقاربة العزلة فلسفيا مقاربة أكثر عمقا وتنوعا وشمولية.

- في السياق الإسلامي، وهو ما قد يبدو عجيبا للوهلة الأولى أن الفقهاء هم من اهتموا بالعزلة والكتابة عنها لا الفلاسفة.

- ذكرت «العزلة» في القرآن أكثر من مرة، ولكن في معرض الصراع بين الأنبياء وقومهم على دعوتهم الجديدة، مثلا يخاطب النبي إبراهيم قومه بعد أن كذبوا دعوته «وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا».

- العزلة بالعموم تعني عدم المشاركة أو الاعتصام ورفض الوقوع في الفتن، كما حدث في الاقتتال بين المسلمين في القرن الأول الهجري.

- «الاهتمام» أو الهم كما في أطروحة هيدجر تخبرنا أن الأنا لا تفهم وجودها إلا من خلال عنايتها بالآخر، بغض الطرف عن البعد الفيزيقي لهذا الآخر.

- العزلة ليست مسافة نضعها بيننا وبين الآخر، بقدر ما هي جسر يصل بنا بالآخر، في العزلة نعيد ترتيب المسافة بين الأنا والآخر، فلا تكون مجرد مفهوما كميا يقاس بالأمتار والأذرع، وإنما تجربة معيشية بالآخر.