شاهر النهاري

الأسد المبخوت وقتيا

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

ملايين المقالات سطرها كتاب الرأي، وكتاب انعدام الرأي فوق المستديرة، عن هذا الأسد المبخوت، الذي قدر له أن يكون محور الارتكاز في معضلة سوريا، رغم كونه نقطة على الهامش في الحقيقة.



إسرائيل تمثل المستفيد الأول من تداعيات المأساة، وإيران تعتبر المخدوع الأول في استفادتها الشكلية مما يحدث.

الشعب السوري لم يكن إلا بيادق فحم يتم حرقها ونفخ شرارها، لكي تكتمل تراجيدية أجزاء المحرقة الضخمة، والتي جمعت عمالقة دول العالم وحوشا كواسر يبدعون في فنون خلق الفوضى التي تجري تجاربها غير المسبوقة فوق أرض الشرق الأوسط؛ وأرانب التجارب فيها سكان تلك الخرابات، وتراثهم العريق.

لم يسلم من تعاظم شرور النزاع أي من الأجناس، أو الأعراق، أو الفرق والأديان، فيبدأ الدور بفريق، ثم ينتقل بسماجة للذي يليه، سني شيعي كردي علوي أزيدي مسيحي، داعشي، مقاومة.



كلهم علقت لهم جزرة الطمع للعلو، والتسليح، والعنف، والقتل، ثم سحبت منهم ليندحروا ويولوا الأدبار، ثم يعانون من التهجير والعودة من جديد

لمطاردة الفوضى.



الأسد المغتر لا يملك قياد نفسه، حالم بأن يكون، مع يقينه بأن الدوائر تدور عليه وتطبق شيئا فشيئا، ولكنه يظل متشبثا بالقشة.

إسرائيل واثقة، وتزداد منعة وتسليحا، وتحرص على ألا يفلت الرسن من يديها، ولو عن طريق الخطأ؛ ولكن يقينها قوي بأن القضية مسخرة لها، والغرب يقاتل ويقتل في سبيل راحتها، ولإبعادها عن دائرة المنافسة بالتفرد.



إيران مخدوعة بمكاسبها الحالية في لعبة (الروليت الروسية)، حيث تدور طلقة حلزونية عبثية، وتنتقل بين رؤوس المتنافسين المقامرين؛ فكأنها مخبأة لها بالغيب، بعد أن تكون قد أدت مهامها القذرة بحزبها، وحشودها.



السعودية ومصر تعانيان من هجمات خارجية، وحدودية، وتحديات أمنية، وإرهاصات البقاء في جانب التعقل والتوازن بكل اهتزازاته، فلا ندري إلى متى تستمر المنعة.



فوضى الشرق الأوسط لم تكن خلاقة للصور الجمالية، بل خلقت لنا الأضداد، والمخابيل، ومصاصي الدماء، والخوف، والتفتيت، والمسح المتعمد لمعالم الحضارات الشرقية العريقة، التي تم محوها على أيدي الدواعش، ومن أتى

من بعدهم.



روسيا تغرف المكاسب، وأمريكا تخشى الوقوف ضد الحالم المتفاني لعودة زعامته القديمة.

دول الغرب تكتفي بما تصل إليه أياديها، رغم عنف ونقمة النيران، التي تنتقل لعقر ديارهم قسرا.

أوباما كان نكبة العالم المريرة خلال فترته المتردية الهزيلة، المتغاضية، والتي زادت من جراح وموات جسد الشرق الأوسط.



ترامب يكرهه أهل الشرق الأوسط، باعتبار أنه ربما يأتي إليهم بالذبح، وينهي المهمة الفوضوية، ويسحق كل رأس في خضم الفوضى.

ولكن، ماذا لدى دول الشرق الأوسط لتخسره أكثر؛ فلتجرب جنوح ترامب، ولتتأمل أن يكون عنفه الخارجي مخالفا لما يمكن أن يتبناه ويدهشنا به من حكمة، وتعقل، وقوة تردع وتحكم الكبار، ليتركوا الصغار في حالهم.



مؤكد أن بخت الأسد لن يستمر، فالحكاية لها بقية فصول، وفصل مرتجل حصري، سيفقده كل مكتسباته الواهمة.

إسرائيل تراهن على التاريخ، والواقع، وعلى المستقبل، ولديها وعد سماوي، والغرب يؤمن معها بهذا الوعد، الذي يجعلها تجور به على الأرواح والجغرافيا والتاريخ المحيط بها؛ ولا يظهر أنها قد ذاقت طعم السم الذي تطبخه وتقدمه للعالم، بتوابل عقيدتها المتجبرة.



[email protected]