لا تصدق كل ما تسمع!

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

عند حضورنا لكثير من الملتقيات والندوات والمحاضرات، بل حتى جلسات الأصدقاء والأقارب، نستمع للعديد من المعلومات والأخبار التي يرويها المتحدث ويتبناها والتي بالطبع تعبر عن وجهة نظره من دون التأكد من صحتها!



وحتى يضفي المتحدث مصداقية لكلامه يسبقها في العادة بعبارات مثل: «أثبتت الدراسات» و»أكدت الإحصاءات»، والمشكلة ليست فقط في المتحدث نفسه بل في الحضور الذين يصدقونه ويأخذون كلامه على أنه حقيقة مسلم بها لا تقبل النقاش وينقلون ما قاله لغيرهم مع بعض الإضافات والزيادات في الكلام!

في إحدى قاعات المحاضرات حدثت مناظرة بين أكاديمي ملحد يدعى «بيركنز» والداعية البريطاني المسلم «حمزة تزورتزس» فكان مما قاله الأكاديمي الملحد: «إن العلم والمعرفة محرمان في الإسلام»، وبعد أن أكمل حديثه وجاء دور الداعية المسلم للحديث، وجه كلامه للملحد وقال له: أنت قلت إن العلم والمعرفة محرمان في الإسلام فأعطني الدليل على ذلك من القرآن أو السنة، فإن لم تفعل فأنت إما كاذب أو جاهل، وإن كنت كاذبا يجب أن تعتذر للحضور!، تلعثم الملحد في رده، ثم قال: أخطأت في استخدام كلمة حرام، وكنت أقصد أنه جاء في أحد كتب «الغزالي» أن الإسلام يدين العقل!، في نهاية المناظرة تأكد من حضرها أن الملحد كاذب، وأن ليس كل ما يسمع يصدق!



الناس في الغالب تصدق الآخرين لأسباب عديدة، قد يكون من ضمن الأسباب أن ما يقوله المتحدث يوافق هوى أنفسهم حتى لو تضمن كلامه مبالغة واضحة تصل إلى حد الكذب، أو أنه يملك سمات ومهارات شخصية وأسلوبا جذابا في الحديث وقدرة على الإقناع، أو أن له مكانة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية تجعل الناس تثق في كلامه وتصدقه.



ومن ذلك ما جاء في كتب التراث أن عمر الوراق قال: رأيت كلثوم بن عمرو العتابي «الشاعر والأديب العباسي» يأكل خبزا على الطريق بباب الشام في بغداد - وكان هذا التصرف والسلوك مشينا في ذاك الزمان - فقال له: ويحك أما تستحي من الناس؟، فقال كلثوم: أرأيت لو كنا في مكان فيه بقر أكنت تحتشم أن تأكل والبقر يراك؟!، قال عمر: لا. فقال كلثوم: فاصبر حتى أريك أن هؤلاء الناس بقر، ثم قام فوعظ وقص ودعا حتى كثر زحام الناس عليه، فقال لهم: روي لنا من غير وجه أنه من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار، فما بقي أحد منهم إلا وأخرج لسانه نحو أرنبة أنفه ليرى هل يبلغها أو لا!، فلما تفرق الناس قال كلثوم لعمر: ألم أخبرك أنهم بقر؟!



أخيرا...لا تصدق كل ما تسمع، وصدق فقط نصف ما ترى وتشاهد، واترك النصف الآخر لعقلك، فالبعض يجيد اختلاق المواقف والأحداث كأنها حقيقة!