وداعا الشيخ محمد الصائغ

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ودعنا يوم الأحد الثالث من شهر ربيع الثاني 1438هـ رجلا من خيرة رجالات مكة المكرمة، ألا وهو رجل المواقف الحسنة، المغفور له بإذن الله، الشيخ محمد سعيد بن عبدالحميد الصائغ، والد سعادة المهندس سعد الصائغ، وهو الوالد الرمز لي ولأهل حينا، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.



لقد غادر هذا الرجل الفاضل هذه الدنيا الفانية بصمت كما كانت هذه طبيعته طيلة حياته، رحمه الله رحمة الأبرار. وكان لنا شرف الجوار لهذه الأسرة الفاضلة منذ عام 1380هـ، تحديدا في شهر شوال من ذات العام، وكان عمري يناهز الست سنوات، وصارت هناك علاقة حميمية بيني وبين أقراني من أبناء هذا الرجل الفاضل، وعزز ذلك بتواصل أسري متبادل، فكان رحمة الله عليه رجلا صامتا كما أسلفت، تعرف من صمته ما يجول بخاطره وما يراد تحقيقه من الطرف الآخر، وقد حباه الله بشخصية مألوفة ومحبوبة من كل من عرفه، وكان بهي الطلعة يمتاز بالأناقة في ملبسه ومظهره، تعرف في وجهه نضرة النعيم، فلا يحل في مجلس إلا ويسارع الحاضرون بإفساح المجلس له وينصتون له بإمعان حين يتحدث، فكان حكيما صاحب كلمة ومشورة، وذا رأي صائب وكاريزما متقبلة لدى كل من عرفه. فكم من خلافات اجتماعية حلت على يديه، وكان عصاميا حازما جازما طيب المعشر كريم النفس جزيل العطايا يخشى الله كثيرا، ويحرص على أداء صلاته في المساجد، وكان بارا بذوي قربته.



وكان يتفقد جيرانه ومعارفه ويتحسس شؤونهم، ويحنو علينا كثيرا ويتعهدنا بجزيل عطاياه نحن أبناء الجوار إلى أن كبرنا فصار فخورا بنا، داعما لنا بنصائحه النيرة، وكان رحمة الله عليه ميسور الحال باسط اليدين، ورغم رغد العيش ويسر حاله ومستواه الاجتماعي المرموق وارتباطه بعلاقات اجتماعية ذات مستويات عليا، فقد امتهن صناعة السيوف لهم وحدثها وصاغها وألبسها الذهب الخالص وعرف بهذه الحرفة على مستوى المملكة، حيث كان الوحيد دون منافس في هذه الحرفة، وكنا نرى شخصيات اجتماعية مرموقة تتردد على داره العامرة كثيرا، إلا أن ذلك لم يغير من طبيعته المتواضعة شيئا، فكان غاية في التواضع والتواصل والتراحم مع جيرانه ومعارفه ولم يغيره المال والجاه، ولم تغره الحياة الدنيا وزينتها، وصارت هذه الخصال الكريمة هي نهج أبنائه البررة في حياته وبعد مماته، وكيف لا وهم خير خلف لخير سلف، فقد تربوا على الفضيلة وحب الخير.



رحمك الله تعالى يا أغلى الناس وأعز من عرفت وأسكنك فسيح جناته. ولا نملك من الأمر شيئا إلا أن نقول ما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أبا سعد لمحزونون».