الأمان الأسري

الثلاثاء - 03 يناير 2017

Tue - 03 Jan 2017

تأتي مكانة الأسرة من مدى أهمية وظائفها وأدوارها الرئيسة في عملية التنشئة الاجتماعية وارتباط ذلك الوثيق بمدى استقرار المجتمع وزيادة فعالية أفراده، ويمكن تحديد مفهوم الأسرة بمجموعة من الأفراد الذين تربطهم علاقة القرابة ويؤدون ادوار متبادلة تحقق حاجات مشتركة وفق علاقة دينامية تبادلية في إطار شرعي اجتماعي.



والمجتمع يتشكل من مجموعة من أفراد ينتمون إلى أسر لها الأثر البالغ في تكوين شخصياتهم وتشكلها عبر دورة الحياة فيما تحققه من وظائف متعددة من أهمها إشباع الحاجات النمائية والمساهمة الفاعلة في توجيه الذات وإكساب الخبرات اللازمة في الحياة وتقديم التغذية الراجعة وتقويم السلوك ورعاية النمو السليم وتوفير بيئة مناسبة للتوافق النفسي والاجتماعي وتقديم الرعاية والحماية في مختلف مراحل الحياة، تأتي أهمية العناية بالأسرة كلبنة أساس ومحرك رئيس في المجتمع.



وتستطيع الأسرة تحقيق أهدافها والاضطلاع بمسؤولياتها التربوية وتحقيق انعكاس ذلك على المجتمع كإحدى ركائزه الأساسية؛ عندما تتوفر البيئة المناسبة لها، وهو ما يعرف بمصطلح الأمان الأسري، الذي يشير إلى تحقيق الدعم الكامل لمؤسسة الأسرة وتوفير الظروف المناسبة داخل وخارج الأسرة لتحقيق الاستقرار والطمأنينة ونبذ كل ما يعوق تحقيق أهدافها بشكل مباشر أو غير مباشر وتحقيق وظائفها المختلفة والاهتمام بتنشئة سوية للفرد بما يسهم وبشكل مؤثر في تنامي مستويات الصحة النفسية في المجتمع.



ويمكن أن يتحقق الأمان الأسري من خلال اتجاهين: الأول يأتي من داخل الأسرة عندما يتم الاختيار في الزواج السليم المبني على الاحتياجات الحقيقية ومدى إمكانية تحقيقها بين قطبي الأسرة، وكذلك تفهم كل عضو لأدواره ومسؤولياته وكيفية أدائها دون التقاطع مع أعضاء الأسرة الآخرين، والانتقال من مفهوم التنافس إلى المشاركة والتفاعل ووحدة الهدف، والوعي بالحقوق والواجبات، وإشاعة الحوار بين أفراد الأسرة كطريقة للفهم والتعامل، كذلك توفير القدوة الحسنة للأبناء وإدراك مفهوم الفروق الفردية والموازنة في أساليب المعاملة الوالدية والتوسط في استخدام التدليل والعقاب والتساهل والحماية، والعمل على توفير البيئة الجاذبة في الأسرة عند إشاعة الحب والعاطفة والابتعاد عن العنف بأنواعه المختلفة وتلمس الاحتياجات النمائية، والعمل على تحقيق الإشباع المتوازن لها وفق مطالب النمو السليم.



ويأتي الاتجاه الآخر لتحقيق الأمان الأسري، من خلال جهود تبذل خارج الأسرة، تتمثل في أدوار مؤسسات المجتمع الرسمية وغير الرسمية في العناية بالأسرة على المستويات البنائية والوقائية والعلاجية، وضرورة مشاركة جميع أطياف المجتمع في الإعداد والتنفيذ لبرامجها لتصبح مسؤولية مجتمعية مشتركة، والاستفادة من التقنية الحديثة وإمكانات الإعلام المتقدمة عبر وسائله المختلفة في تنمية الوعي المجتمعي بأهمية الأسرة وتنمية البصيرة حول أدوارها المختلفة وتقديم المشورة المناسبة لأعضائها والعمل على توضيح المفاهيم لهم وتحقيق التوافق الأسري، كما يمكن المحافظة على مستوى متقدم من الأمان الأسري عند سن القوانين وتفعيل الأنظمة التي تحمي الأسرة من الظلم أو انتهاك الحقوق، كما أن توضيح الإجراءات وتنمية مستوى الوعي الحقوقي وتقديم الرعاية اللاحقة تسهم بشكل فاعل في الوقاية من التعدي على الأسرة، والعناية بأفرادها في مختلف الظروف.



وقفة: التوسع في إيجاد مراكز متخصصة تعنى بتقديم الاستشارات الأسرية والتدريب على مهارات الحياة والعناية بالصحة الأسرية المجتمعية، عامل مؤثر ورئيس في تحقيق الأمان الأسري في مستوياته المختلفة.