مانع اليامي

عينه مستشارا واقتل عصفورين بحجر

الاثنين - 02 يناير 2017

Mon - 02 Jan 2017

لن يبالغ الراصد لو قال إن جل العاملين في القطاع العام يتوقون إلى الخروج من الوظيفة العامة، لم نعد نسمع عن محاولات تمديد الخدمة بعد الوصول إلى سن التقاعد لسنة أو أكثر، تلك المحاولات التي تستعمل كل الطرق لتحقيق الغاية، التاريخ في السياق يقول إن إحالة الموظف العام للتقاعد فيما مضى من الوقت خارج حسابات المناسبات السارة، بل الصحيح أنه من بواعث القلق للكثيرين، وهنا يمكن تأمل المسألة من زاوية وأكثر.



باختصار شديد للمناصب الوظيفية وهجها ولها خاصية جاذبة تدفع المجتمع إلى صاحب المركز الوظيفي، ولها أن تعيد ترتيب وضع الموظف الاجتماعي وتحوله مباشرة إلى مقاعد الوجاهة، كل ذلك يأتي بسهولة ودون عناء لسبب بسيط مرده يعود إلى طبيعة المجتمع وثقافته، ودون أن يتحرر المجتمع من هذه الثقافة البالية لن يعرف معنى النظام، ولن يحظى بحقوقه المكفولة أصلا بموجب النظام، كيف يحدث ذلك والبعض بتصرفاته يغلف الحصول على حقوقه الميسرة بالصعوبة، ويجعل من الموظف العام في الوقت نفسه صاحب الصلاحية المطلقة، الآمر الناهي.



كثير من الناس حولي وحولكم يتباهون بمعرفة بعض الموظفين النافذين ويقدمون خلال أحاديثهم كثيرا من الضمانات على حسن العلاقة أو عمق المعرفة، ومع الأيام تتكاثر الوجوه حولهم كحلقة وصل بين المجتمع والمسؤول، وهذا لا شك يعود لثقافة المجتمع أولا وأخيرا، وهي الثقافة التي تميل إلى تأصيل المحسوبية ونشر الوساطة على حساب النظام، وفي هذا ما فيه من أسباب التأخر وتغييب العدالة.

عموما، في وقتنا الحاضر إشارات واضحة لرغبة كثير من العاملين في القطاع العام للتقاعد المبكر أو غيره، وفي هذا رسائل مهمة أكثرها حركة في دوائر المنطق يؤشر بوضوح على ارتباك معادلة الرجل المناسب في المكان المناسب إلى جانب طغيان الشللية، وهذا الأمر ومثله يحول بيئة العمل بامتياز إلى طاردة، وكبير الظن أن هذا هو واقعنا الإداري.



لا أخفيكم سرا، أثناء كتابة هذا المقال تلقيت مكالمة من مسؤول يستشيرني بشكل غير مباشر كيف يمكن أن ينقل موظفا من مركزه الوظيفي تحت غطاء مؤدب، ظهر لي أن ثقل الموظف في ميزان المعرفة والخبرة والإخلاص للوطن لا يعني لهذا المسؤول شيئا مقابل العزم على تفريغ المكان، قلت له على الفور «عينه مستشارا وارتاح منه». أظنه سيفعل، هذا ما ظهر لي وهذا يكفي لتأمل الواقع والتفكير فيه.. وبكم يتجدد اللقاء.



[email protected]