هبة قاضي

عام القمر العملاق

دبس الرمان
دبس الرمان

الأحد - 01 يناير 2017

Sun - 01 Jan 2017

مع نهاية 2016 وبداية العام الجديد كنت بصدد كتابة مقال أنظر فيه عليكم بمجموعة من النصائح والتوجيهات التي قرأتها من عدة مصادر وأعجبتني شخصيا بدرجة نسبية لتستفتحوا بها عامكم الميلادي.



ولكن في كل مرة أحاول فيها أن أكون مثالية وتقليدية مع مجريات الأحداث والركب، تعاقبني قريحتي بأن تسد مجرى الكلمات وتوقف سريان الأفكار، فأظل أدور وأدور في محاولة للتسلل من إحدى فجوات المتوقع من ديباجات الفضيلة ومحاسبة النفس. أو الكلام الإنشائي والمستوحى من كتب التطوير والتحفيز. لكن بلا فائدة، لأجد نفسي كالعادة أستسلم وأدع ذلك الصوت الخفي في رأسي يقود القلم وأنا وأنتم على الله.



يقولون إن سنة 2016 كانت سنة كبيسة، بمعنى سنة صعبة ومليئة بالأحداث المغيرة والظروف الجلل في جميع مرافق الحياة. فما بين كل الأحداث التي أصابت العالم من حولنا، كنا من الداخل الخليجي ننظر بعين النقد أحيانا والمتابع أحيانا أخرى، ولكن مع نوع من الانفصال الحدثي وعدم الربط بحياتنا. ثم بدأ مسلسل الداخل بعرض الحلقة الأولى عن رؤية السعودية 2030 وانتهاء عصر الاقتصاد النفطي.



يليه تصاعد درامي مؤثر بإعلان قرار تقنين عمل هيئة الأمر بالمعروف، وإنشاء هيئة مختصة بالترفيه، ليتبعهما في حبكة إبداعية قرار تنقيص الرواتب الحكومية ورفع البدلات، ومن ثم المقابلة المشهورة للوزراء التي دندن عليها العالم بأن الموظف السعودي إنتاجيته ساعة واحدة، وانتهاء بإعلان موازنة السعودية التي تم طرحها للمرة الأولى بمثل هذه الشفافية. حقا لقد دار رأسي من تعداد الأحداث فقط.



إن كان الخيار عائدا إلي فلن أقول إنها سنة كبيسة، نعم كان لي نصيب من الإحباطات، ونعم أصابني ما أصاب العالم من دوار وتخبط وتبعات للتغيير، ونعم لاحظت أن الكثيرين من حولي أيضا كان عليهم هذا العام كعنق زجاجة لا نهائي. ولكنني أدرك بأن التغييرات الجذرية لها مقدمات، وأن التطوير والتقدم والطموح كلمات لها أثمان. وأن القارئ في تاريخ الحضارات يدرك بوادر الصعود، والمطلع على سير المؤثرين والعظماء على دراية بوعورة الوصول، وأننا لم نعد كما كنا سابقا في كون لوحدنا سابحين، وعلى الآخرين تماما معتمدين. بل لقد أصبح لزاما علينا أن نكون مع العالم منخرطين، وعلى أنفسنا أكثر اعتمادا ومبادرين. وأن الناجحين على مر العصور هم أولئك الذين يتسمون بسرعة التأقلم والقدرة على استثمار الأوضاع بصنع الفرص، وابتكار الحلول.



وأخيرا من وسط ركام القديم وغبار الحفر للجديد، لمع في سماءاتنا ذلك القمر العملاق ليخبرنا أنه مهما تعقدت الأمور فلهذا الكون رب حكيم.