صالح العبدالرحمن التويجري

إلى الفردوس يا أمي

السبت - 31 ديسمبر 2016

Sat - 31 Dec 2016

الموت حق، وكل نفس ذائقة الموت، ومن أقسى ظروف الحياة على المرء أن يفقد أحد والديه أو كليهما، ولكن الشيء المؤكد أن فقد الأم أشد ألما على الإنسان مهما يكن رجلا أو امرأة، كبيرا أو صغيرا، كيف لا وهي صاحبة الحقوق الثلاثة، كيف لا والجنة تحت قدميها، كيف لا وهي تسهر لننام، وتجوع لنشبع.



وأنت أمي الغالية، هل أرثيك يا أمي أو أعزي نفسي لفقدي إياك، وتلك هي أمي التي ارتميت بحضنها بعد أن حملتني ببطنها تسعة أشهر، وامتصصت ثديها خمسة أيام، وكأنها سنتا الرضاع المشروعة التي حرمتني منها تلك العين البغيضة، ومن مثلك أم رؤوم، فقد ألقمتني التمرة من فيك فصارت أحلى من العسل في فمي، كنت في عينك الفارس الثاني تداعبينني وترقصينني بين يديك، تبتسمين لي لأمنحك ابتسامتي، وتدغدغين شفتي لأضحك لك، وكم كانت تعجبك ضحكاتي، كنت كل شيء عندك مع أخي عبدالمحسن، منحتيني قبلاتك في كل موضع، وكنت تزيلين عنى القذارة بيدك والسرور يعلو وجهك، دون أن تتقزز نفسك أو تتأفف، الله ما أعظمك من أم حنون، مساء الثلاثاء 21 /‏3 /‏1438 صعدت روحك الطاهرة إلى بارئها، والحمد لله أنى كنت عندك مساء الاثنين 20/‏3/‏1438 وكلي أمل أن تعيشي شيئا من الدهر، ولكن شاء الله أن يختارك في مساء اليوم الثاني لتكوني بجواره، وتحت رحمته التي وسعت كل شيء.



لقد كنت لنا الشجرة الوارفة، ظلها بارد وثمرها حلو، نتواصل إخوة وأخوات عندك، فكنت الشمس التي تضيء لنا الطريق، وليس هذا فحسب فحبنا لك بنين وبنات لا نظير له في الوجود، ولا يوزن بشيء على الأرض، بل إن حبك موجود في كل بيت من بيوت أهل وطنك، يحبونك رجالا ونساء نظرا لما تتمتعين به من دماثة الأخلاق - وأنت صاحبة اليد الفوقية حتى وقت الضيق والقلة - وحبك للناس، وبذلك المعروف لكل محتاج، وكرمك الذي لا يماثله كرم، وعطائك الذي لا ينقطع على الرغم من ضيق العيش الذي ألم بك في أول حياتك، حتى ثوبك خلعتيه من جسدك ومنحتيه للسائلة، وكان صبرك سببا ليمن الله عليك بالفرج من أبواب عدة في بقية حياتك، وهذا من فضل الله عليك وكرمه.



أماه والله إننا بنين وبنات وحفدة وحفيدات وصديقات فقدناك وتركت بيننا مكانا سيبقى فارغا إلى أن نلقاك يوم اللقاء الذي ليس بعده فراق، وعلى الرغم من غيابك عنا جسدا فسيظل خيالك مطبوعا بذاكرتنا ما دمنا أحياء، وستظل كلماتك ترن في آذاننا.. نسأل الله أن يجزيك عنا خيرا، وأن يجعلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ونسأله ألا يحرمنا أجرك ولا يفتنا بعدك ويغفر لك ولنا من بعدك.