عبدالله حسن أبوهاشم

كلام واتس

الجمعة - 30 ديسمبر 2016

Fri - 30 Dec 2016

إلى عهد قريب، وقبل معرفتنا للانترنت ومفرزاته، من مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، كان المصدر في معرفة الأخبار المحلية والعالمية محصورا في وسائل الإعلام الثلاث: الإذاعة والتلفزيون والصحف، وفي تلك الفترة، كانت الصحافة، في قمة وهجها ورقيها وازدهارها وانتشارها وتوزيعها، وتسعى بشكل كبير إلى الالتزام بالمصداقية في نقل الأحداث والأخبار، برغم قلة المصادر، وتحرص بقدر ما تستطيع على احترام القارئ وإرضائه. هذا لا يعني، أن هذه الصحف لم تكن بها أخطاء، أو أنها تخلو من الهفوات، فالخطأ وارد، وهذا أمر طبيعي في عالم الصحافة، برغم ما يبذله المسؤولون والعاملون في هذه الصحف من جهود كبيرة، وما يواجهونه من مشقة ومتاعب، منذ الخطوات الأولى من الإعداد إلى أن تصل الصحيفة إلى مرحلة الطباعة، وصولا إلى القارئ، ومع ذلك، كان هناك شيء من عدم الثقة من جهة القراء، حول بعض ما ينشر في الصحف الورقية من أخبار، وتكرس مفهوم لدى العامة بأن هذه الصحف ليس لها مصداقية مائة بالمائة، ولا يؤخذ بأخبارها، حتى انتشرت عبارة أو مقولة كان الناس يرددونها وهي (كلام جرايد) إشارة إلى عدم تصديقهم إلى كثير مما ينشر وأنه غير صحيح.



ولكن في زمن تدفق الصحف الالكترونية أو (الأكذوبية) بهذه الكثرة أو الفوضى، وأصبحت أكثر من الهم على القلب، وكثير منها ذو مستوى ضعيف وهابط ومتدن، ومليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية، وبعضها لا تستحق أصلا أن يطلق عليها مسمى صحيفة، ونشاهد ما ينشر فيها، وما نقرأه في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الواتس اب، وتويتر، وأخواتهما، من اختلاق الأكاذيب والإشاعات والافتراءات، والحكايات الملفقة، والتحريض والإساءة للآخرين، والاستخفاف بعقول الناس، إلى آخر هذه الأوصاف، التي طفحت بها بعض الصحف الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ماذا نقول إذن؟ وكيف ستكون نظرتنا إلى الصحف الورقية، وموقفنا منها؟ في نظري تستحق الصحف الورقية بعد كل الذي نشاهده ونقرأه في غيرها، أن نقف لها احتراما، لأنها باقية على مكانتها الرفيعة، واحترامها لنفسها ولقرائها، ملتزمة ومتمسكة بأدبيات وأخلاقيات ومعايير المهنة، محافظة، محترمة، مهذبة، رزينة، نزيهة، لم تصل إلى هذه الدرجة من الانحطاط والإسفاف، الذي وصل إليه غيرها، برغم أنني أجد أن في هذه المقارنة ظلما وإجحافا في حق الصحافة الورقية.



العجيب أن كثيرا من الذين ناصبوا العداء للصحف الورقية - حتى إن بعضهم حرف في أسماء بعض صحفنا نكاية بها، من شدة موقفه المعادي منها - هم ذاتهم الذين يستخدمون الآن الواتس اب، وتويتر، وبقية مواقع التواصل، ويسعون من خلالها الوصول إلى الشهرة.