رهام فراش

دبي.. فاتورة الحب!

الثلاثاء - 27 ديسمبر 2016

Tue - 27 Dec 2016

ماذا لو عفونا عفوا عاما عن ملحقات الترفيه؟ سينما مسرح عروض حفلات مكتبات عامة وخاصة متاحف وغيرها المهدر دمها، وأعدنا رعايتها وأخذناها في أحضاننا وشجعناها وغذيناها وصفقنا لها ومكانها، ترى كم من المبالغ سنوطن! وكم من العقول سنستثمر ونفعل! وكم من السعادة سنحصد!



لو سألنا كل سعودي موجود في دبي: لماذا أنت هنا سائح أو مقيم؟ وأخذنا جوابه على محمل الجد، ورسمنا به ملامح لخارطة طريق تعزز الرؤى الوطنية المباركة وتمنحها روحا نابضة لجسد ما زال في طور التكوين، أعتقد أننا سنختصر الكثير، وسنكون عمليين، لا نعتد فقط بالشعارات الرنانة ونكتفي بشهوة الكلام والحبر على الورق دون تنفيذ!



يستحق منا الوطن أن نكون شفافين ومخلصين ومبادرين صبورين ومتفانين، ليكون هو راحتنا وسلونا وفخرنا وعزنا ومهد الرسالات وأرض الحرمين، حتى لا نفكر متى الرحلة القادمة لسويسرا أو لدبي، إنما ندعو الإماراتي - والعالم أجمع - ليزورنا ويقضي رحلة دينية سياحية ترفيهية متكاملة المعالم، ويعود محملا بذكرى أنيقة وصورة مشرقة، حين يجد السعودي والسعودية في كل شبر يلتفت إليه، مبتسمين مرحبين ودودين منتجين، والأهم مخلصين! ويصل بلده حاملا تذكارا متقن الصنع مختوما عليه صنع في السعودية!



أخيرا هبطت الطائرة بسلام في مطار دبي.. نزلت ومشيت في صف القادمين من دول التعاون الخليجي، وكم ينتابني الزهو وأنا أمشي في هذا الطابور، لا أعرف هل هو فعل فخر غليان الدم الخليجي العربي، أم سهولة وسرعة عمليات ختم الجوازات فيه. لم يستغرق وصولي للمطار وخروجي منه دون مبالغة ربع الساعة! هذا مع حساب الوقت الضائع في ترحيب موظف الجوازات أخي الإماراتي الذي لم ينس أن يرتدي ابتسامته ويحييني عند وصولي، وأن يسال عن حال الواصلين فردا فردا، كما سألني عن حالي، ولما بادلته السؤال عن حاله أجاب وكان جوابه واضحا في ملامحه أني ـ والحمد لله ـ شديد الزكام. والغريب أن هذا العذر كاف لدى البعض في بلدي للغياب من العمل لمدة قرن.



ابتسمت وأنا أتذكر معاناة أصحاب العمل مع بعض المتسيبين تجار»السكليف» والأعذار الباهتة المعلبة والمستهلكة، ومن يقتلون كل شهر فردا في العائلة، أو يمرضونه حتى يحصلوا على إجازة بغطاء قانوني. ختم لي جوازي بترحيب، وذكرته بالإكثار من شرب السوائل.. ولم يكن أحد خلفنا في الطابور يتنصت على المحادثة أو يبني سيناريوهات لمجرد أننا نبتسم ونتبادل كلمات مقتضبة، لأن الجميع هنا يعرف أن موظف الجوازات يتصرف بدافع المهنية والإنسانية والأخلاق الرفيعة، ونقطة على السطر.



كنت أود أن أختم ثرثرتي سوى أنني خرجت لاستقل تاكسيا، فكان السائق سيدة من الجنسية السريلانكية، آه.. قلبي الصغير لا يحتمل.

هذا السرد بدافع الحب المغلف بحرقة ما هو إلا صوت كثير من المخلصين، لعلنا نساهم في وضوح معالم الخارطة التي ستوصلنا للسعادة والرخاء وراحة البال في وطننا.



ويبقى أن توافوني بإجمالي الفاتورة الأخيرة التي وصلنا لها ونحن نتسلى معا لحساب صرف السعودي في دبي؟

لأني أعترف بأني لست جيدة في مادة الحساب والرياضيات. ولأن الرقم الصادم فيها حتما سيحرك ساكنا، وسيجعلنا نضرم النار في خيمة غفوتنا ونتحرك لنفعل شيئا!