هل هذا يرضيكم؟

الثلاثاء - 27 ديسمبر 2016

Tue - 27 Dec 2016

بتاريخ 27 صفر 1438 الموافق 27 نوفمبر 2016 نشرت صحيفة شيكاغو تريبيون تقريرا عن البطالة في المملكة قالت فيه: البطالة في المملكة هي التحدي الذي يواجه خطة التحول الاقتصادي الجديد في المملكة. وقالت إن خلق فرص عمل للشباب العاطل من أصعب التحديات، وإن ربع السعوديين تحت سن الـ 30 عاطلون عن العمل، بينما الأجانب أكثر من نصف القوى العاملة.



ومن جانب آخر، قالت مصادر أمنية إن هناك ثلاثة آلاف سعودي انضموا إلى داعش، ومن جانب ثالث كشف المتحدث الرسمي لوزارة العمل أبا الخيل أن البوابة الوطنية للعمل (نطاقات) أتاحت نحو 121 ألف وظيفة شاغرة.. إلخ، وهنا أقول: هناك وعود كثيرة واستراتيجيات وضعت من أجل التوطين، ولكن كما في المثل الشعبي (أزرع هواء وأحصد ما فيش).



ولا شك أن البطالة قنابل موقوتة فيما لو انفجرت فسيكون دمارها مؤلما جدا، وأولها الانضمام إلى داعش (التي انضم إليها 3 آلاف)، منهم من فجروا أنفسهم بالمساجد وبالمجمعات السكنية، ومنهم من قتلوا عددا من رجال الأمن، وكانت لديهم نوايا أسوأ لولا لطف الله، ولو بحثنا عن السبب الأساسي لانضمامهم لداعش، لوجدنا أن الفراغ والبطالة على رأس الأسباب والدوافع.



وفي بلادنا مئات الآلاف من الشركات والمصانع والبنوك والمتاجر التي تعج بالأجانب، جزء كبير منهم يعملون بأعمال إدارية ومالية -وحتى فنية- يستطيع شبابنا القيام بمهامها بدون شك، خاصة إذا وجدوا الأماكن المناسبة، والرواتب المجزية والأمان الوظيفي والتشجيع المثالي، ولو اهتمت الجهات المسؤولة أكثر وأكثر -من اهتمامها اليوم- بتشغيل الشباب، ولو تواضع أصحاب الشركات والمصانع والمتاجر والبنوك، وتنازلوا عن نسبة بسيطة من الأرباح التي يطمحون إلى الوصول إليها في نهاية كل عام، ومنحوا أبناء الوطن مرتبات مجزية، لما بقي لدينا عاطل.



ومن ثم، من هم العاطلون؟ هم ابني وابنك وأخي وأخوك، فلم يصر صاحب المصنع أو مجلس الشركة أو البنك أو المتجر على تحقيق ربح خمسة ملايين، ولو نقصت مليونا واحدا من أجل تشغيل أبناء الوطن هل سيضره أو يخسره؟ أبدا لن يضره، بل ربما يكون سببا في ازدياد ربحه، وما موقف صاحب المصنع -أو مسؤولي الشركة أو البنك- لو وقف عند باب مصنعه أو شركته داعشي مسلح بحزام ناسف، ومنع الدخول وتشغيل المصنع، أو العمل بالشركة ساعة أو ساعتين، فكم سيخسر المالك؟ أجزم أن الخسارة في هذه الحالة لن تعوض، وستفوق المليون السالف الذكر، أما لو فجر نفسه داخل المصنع أو في الشركة فيا ترى كم ستكون الخسارة؟ لا شك بالملايين.



لذا أقول وأنادى بأعلى صوت: يا إخوتي أصحاب المصانع والشركات والبنوك والمتاجر افتحوا صدوركم لأبنائكم العاطلين، فعملهم -ولو بأجور مرتفعة- خير لكم من عمل الأجانب ذوي الأجور المتدنية، لأمر واحد هو أن السعودي سيفتح بيتا ويتزوج ويؤثث ويأكل ويشرب ويسكن، وللعلم، فإن توفير كل هذه الأمور سيكون من منتوجاتكم، بمعنى أن ما صرف له سيعود إليكم مرة أخرى، بعكس الأجنبي الذي ربما يأكل ويشرب ويلبس ويسكن على حسابكم، وراتبه يحول كاملا إلى بلاده، هذا إضافة إلى الالتزامات الأخرى، أليس هذا فرقا شاسعا، فهل هذا يرضيكم إخوتي؟ اجعلوا أنظاركم بعيدة المدى وعالية تجلو المستقبل الواعد لكم، فوالله لن تندموا.



وأخيرا، فإن ما تحدث عنه أبا الخيل فاتحة خير وبداية جيدة فيما لو تم، ولكني أخشى أن يكون حبرا على ورق، وكلاما يضيع في الهواء، ووعودا يأكلها الزمن، كما عهدنا ذلك في كثير من التصريحات والتلميحات والاستراتيجيات التي تخللتها كثير من الدراسات والاجتماعات من أجل البحوث للقضاء على البطالة، ولكن هيهات، هيهات، ما دام واقعنا هكذا.. ومن الله نستمد العون والسداد.