أحمد الهلالي

ظنون المترفين السامجة!

الثلاثاء - 27 ديسمبر 2016

Tue - 27 Dec 2016

لا أعلم عن سبب موجة الأحكام التي تنطلق بين حين وآخر، وتتصاعد وتيرتها مؤخرا، يتشارك في إطلاقها المترفون على المواطنين دون سند علمي، إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس، فأحدهم يرى الشعب (مدلعا) وآخر يراه (جاهلا) وثالث يراه (عاطلا) وأخرى تراه (اتكاليا)، وغيرها الكثير.



إذا كان المترفون يرون الشعب هكذا، فأين مبادراتهم التوعوية والتثقيفية ومحاولات التصحيح، وما داموا يظنون هذه الظنون، فملاءاتهم المالية تمكنهم من إجراء مسوحات ميدانية تكشف عن ظنونهم، فإن كانت خاطئة فقد كفتهم الحقيقة مؤونة كشف سوءات الظنون، وإن كانت صحيحة فلهم من الشعب كل الشكر على الجهد وتقديم المقترحات العلمية إلى أصحاب القرار لتصحيح المسار.



مترفونا، حفظهم الله وزادهم نعيما، حين يتوهمون إمساك جزئية تحرك ظنونهم باكتشاف حقيقة الناس، لا يتأنون في التصريح بظنونهم وإعلانها على أنها أحكام قطعية، لديهم عليها الأدلة العقلية والنقلية، لكنهم يخرجون أنفسهم من المعادلة في جزءين، جزء (التثبت)، وجزء (الحلول المنطقية) ولا يتركون للمتلقي مجالا أن يحكم بالحسنى على نياتهم، فتذهب بنا ظنوننا مثلهم إلى اتهامهم بالجهل بمجتمعاتهم وانقطاعهم عنها، أو نتهمهم بالبحث عن الإثارة والشهرة، خاصة والوتيرة تتصاعد في مهاجمة المجتمع بأكمله دون وجه حق.



المؤلم أن عددا من المترفين تفوهوا بهذه التهم علنا، فماذا يقول المترفون عن هذا الشعب في مجالسهم الخاصة ومنتدياتهم المغلقة، وبماذا يدافعون عنا عند الآخر الذي يطلق التهم علينا ـ أيضا ـ دون علم ولا هدى، ما أبشع أن يمر بفكري أن مترفينا الهائمين في الشرق والغرب وبين المجتمعات العربية، يطلقون هذه التهم علينا ضاحكين، ومتأففين من وجودنا بينهم لأنهم الأكثر (في ظنهم طبعا)، أتراهم حقا يجارون البعداء فينا ويضحكون حين يلقون علينا سموم أقاويلهم وافتراءاتهم؟، أم يتركون أحاديثهم الصفراء عن مجتمعاتنا تمر دون موقف (غيرة) حازم؟ أو تسجيل موقف حقيقي يقول للمهاجمين (قف لو سمحت)؟. (حقا ما أبشع التفكير في هذا)!!



حين يظن بنا المترفون السوء، فإن الجزاء من جنس العمل، فظنونهم ليست أقوى من ظنوننا، بأنهم لا يوقفون أحدا عند حده؛ لأنني لم أسمع يوما أن مترفا خرج من اجتماع اقتصادي، أو من مجلس ـ أيا كان ـ غاضبا من تعدي الآخرين على مجتمعاتنا، أو سحب استثماراته من بلد ما لهذا السبب، لم أسمع بهذا مطلقا، وهذا يفتح باب الظنون، أن سعادة المترف أو المترفة، حين تخرج تصريحاته الجوفاء السوداء تجاه مجتمعه في أحاديثه الإعلامية، فإنها خرجت بعد أن تحدث بها كثيرا وسمعها كثيرا فصارت قناعة راسخة في نفسه، لم ير في الإعلان عنها ما يشوب صحتها.



هدى الله المترفين، وأعان هذا الشعب عليهم، فلا أغدقوا الخير على أهلهم، وليتهم حفظوا شرور ألسنتهم، والسلام.



[email protected]