ميزانية المدخنين!

الأحد - 25 ديسمبر 2016

Sun - 25 Dec 2016

على موقع وزارة المالية الالكتروني بإمكان كائن من كان أن يطلع على بيانات الميزانية العامة للدولة لهذا العام وأعوام مضت، وكوني كائنا من كائنات هذا الوطن أخذت جولة على ميزانيتنا لهذا العام، وميزانيات أعوام مضت، فكانت وقفات عدة.



أبرز تلك الوقفات كانت مع الإيرادات الفعلية في ميزانية العام الذي نعيش آخر أيامه 2016، حيث ارتفعت غير النفطية منها من 165.9 مليار ريال إلى 199 مليار ريال بنسبة تناهز 20%.



في المقابل انخفضت الإيرادات النفطية عن المتوقع بنسبة 35.5%، حيث بلغت 329 مليارا، فيما كانت تقدر بـ446.4 مليارا، وهو أمر مبرر مع انخفاض أسعار البترول عالميا.



المعلومة الأكثر لفتا للنظر في بند الإيرادات غير النفطية التي حققت ارتفاعا مبهرا هي ارتفاع إيرادات رسوم التبغ الجمركية، والتي قفزت من 60 مليون ريال إلى 4.8 مليارات ريال !!.. أي إن الزيادة بلغت 80 ضعفا عما كان متوقعا، وبالنسبة المئوية فإن ما تحقق من رسوم جمركية للسجائر بلغ 8 آلاف بالمئة مما كان متوقعا!



نحن معشر المدخنين نذهب فور قراءة الرقم إلى مارس الأسود الماضي الذي شهد ارتفاعا لأسعار السجائر ومشتقات التبغ الأخرى، حيث بدئ آنذاك بتطبيق السعر النوعي الجديد لمنتجات التبغ، فتم رفعه من ريالين كحد أدنى لسعر الاستيراد إلى 4 ريالات، مما أدى إلى مضاعفة الرسوم الجمركية، ولكن النتائج كانت 80 ضعفا وليس ضعفا واحد.



فما السر وراء هذا الارتفاع المهول بهذا الرقم الكوني؟ هل تضاعف عدد المدخنين لدينا 40 مرة، ومع مضاعفة الدخل الجمركي كانت النتيجة 80 ضعفا؟

كل الدراسات التي تتناول بالاهتمام التدخين، وأسبابه وآثاره، تؤكد أن العوامل النفسية وراء زيادة التدخين لدى المدخنين، من إحباطات وضغوطات حياتية متنوعة، بما فيها الضغوطات المالية، لا بل إن دراسات ذهبت إلى أن الأقل دخلا هم الأكثر تدخينا!



إذن فشعبنا في عام 2016 ضاعف من معدلات التدخين 40 مرة، فأفشل بذلك بندا كان مقررا في ميزانية العام نفسه لدعم برامج مكافحة التدخين تتولاه وزارة الصحة، وبمعنى آخر فإن الميزانية الماضية التي أحبطت في بعض بنودها المواطن هي نفسها التي أفشلت جهود وزارة الصحة لمكافحة التدخين.

لبحث مناطق الإحباط بجولة بسيطة في بنود الميزانية نجد ما يمكن أن نسميها مبررات، من أهمها غياب الحديث عن أي إنجازات على مستوى القضيتين الأهم: التوظيف والإسكان، وهما قضيتان تحتاجان إلى وقفات أخرى في مقالات لاحقة إن أتيح لنا ذلك.



دالة

بعيدا عن النواحي الشرعية، فإن أرقام الميزانية فيما يخص ارتفاعات رسوم التبغ تكشف أن تجارة السجائر في عالمنا المضطرب صارت أكثر دخلا من تجارة البترول!