آلاء لبني

تعليم يواكب الاحتياج

الأحد - 25 ديسمبر 2016

Sun - 25 Dec 2016

انطلق القبول ببرنامج «وظيفتك وبعثتك» وهو برنامج يهدف لضمان الوظيفة للمبتعث مع ما يتوافق مع حاجات سوق العمل، البرنامج يعد أحد أوجه تطوير الابتعاث الخارجي، ويحل إشكالية البطالة وتأخر حصول المبتعثين سابقا على وظائف مناسبة. البرنامج قائم على فكرة الشراكة مع مؤسسات وهيئات القطاع العام وعدد قليل من الجامعات الخاصة وفقا لحاجاتهم الفعلية من الكوادر. لكل مشروع جوانب إيجابية وأخرى سلبية والتقييم الفعلي لأي مشروع يتم وفق نتائجه، ولكن مع هذا أود طرح عدد من الأمور:



* من خلال الاطلاع على الموقع والشروط والتخصصات المطلوبة يتضح اقتصار التقديم فيه على من لا يمتلك وظيفة في القطاع العام والخاص.

تقليص البطالة في أصحاب الشهادات العليا مطلب تنموي، خصوصا بعد تصريح عدد من مسؤولي لجان تقييم برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي الذي مر عليه 15 عاما، بعدم استفادة القطاعات بالشكل المطلوب من المبتعثين، فمثلا الجامعات السعودية لم تستفد وتستقطب بالشكل المطلوب منهم بعد، بالإضافة للقطاعات الأخرى.



فرصة الابتعاث الحالية يجب ألا تقتصر على حل إشكالية البطالة، بل لا بد أن تراعي التميز والنبوغ في التخصصات، فمثلا في القطاع الخاص الكثير من الكفاءات المتميزة تعمل بعضها في أعمال لا تتناسب مع تخصصاتهم وبعضهم خريجو ابتعاث خارجي، مما يعني هدرا للعقول وللأموال التي صرفت، فلم يجدوا فرص عمل تتناسب مع إمكاناتهم العلمية، إغلاق الباب وعدم السماح لهم بالتقديم بسبب شغلهم للوظائف لن يحقق للدولة المنفعة الحقيقية من الأموال التي أنفقت عليهم.



* برنامج الابتعاث الحالي قائم على فكرة الشراكة الاستراتيجية بين الابتعاث ووزارة الخدمة المدنية، وهذه خطوة رائعة يجب استثمارها وتطبيق ذات الرؤية في التعليم داخل المملكة عن طريق الاستفادة من قاعدة البيانات الأولية حول احتياجات سوق العمل وتخصصاته في عملية التخطيط التعليمي في جامعاتنا، بما يتناسب مع سوق العمل، بحيث تفتح برامج وتستحدث أقسام جديدة بالجامعات تتواءم مع الحاجة الفعلية كما ونوعا، وفي ظل الغياب الحالي للتوجه المدروس والتباين فيما يقدمه التعليم من مخرجات وتخصصات بعضها ذات وفرة تعد عبئا على السوق ومتطلباته، وأخرى تعاني من نقص حاد وغياب لتخصصات مطلوبة.



تطوير التعليم الجامعي والمهني أمر لا بد منه كما كتب العيسى سابقا (قد فشل النظام التعليمي فشلا واضحا على المستوى النوعي)، هذا التطوير يجب ألا ينطلق من حاجة السوق الحالية، بل يجب أن يراعي جوانب أكثر شمولية وذات بعد طويل المدى. التنمية الاقتصادية والتطور ينطلقان من التعليم المثمر الواقعي الذي يفتح الآفاق بدراسة التخصصات والأقسام التي تساعد في حل الإشكاليات التي نواجهها.



زمن القبول الجامعي بغرض الاستيعاب فقط ولى وانتهى، الوزير المتمكن هو من يوجه نظره وميزانيته لحل الإشكاليات الحقيقية، ومدير الجامعة الكفء هو من يسعى لتطوير الأقسام بما يتناسب مع حاجة المنطقة التي تغطيها الجامعة، ويرفع لوزارة التعليم، أما المؤتمرات والمكاتب الاستشارية والشركات فلا تقدم منفعة عامة لسكان المنطقة بل هي منفعة لفئات معينة بالجامعة.



في الماضي أصدر الملك سعود، رحمه الله، مرسوما ملكيا بتاريخ 11/‏5/‏1383 بتأسيس كلية البترول والمعادن، وفي 1384 وضع الملك فيصل، رحمه الله، حجر الأساس لها، الهدف من هذه الكلية - التي أصبحت جامعة فيما بعد - توفير الكوادر الوطنية التي تستطيع إدارة ثروة البترول، وهذا من حسن التخطيط والتدبير، ولو أننا اعتمدنا على الشركات الأجنبية الغربية وعلى الابتعاث الخارجي فقط لما استطعنا إدارة ثرواتنا بهذه الكفاءة.



كل مرحلة تحتاج إلى أسس من التنمية مغايرة عن الأخرى، السؤال لماذا هناك نقص حاد في عدد من التخصصات التي تلامس صلب إشكاليتنا، ما المانع من التركيز على مستوى جامعات الداخل بجلب العقول الأجنبية ذات التخصصات التي نفتقر إليها بدل أن نذهب إليهم. ما الذي أخر فتح أقسام جديدة كقسم هندسة ميكاترونكس والهندسة المائية في بلد صحراوي يحتاج التسلح بالعلم لمجابهة فقره.



لماذا لا تقدم الجامعات جودة حقيقية وليست ورقية تسعى من خلالها إلى حل إشكاليات ضعف المخرجات التعليمية، وضعف الخطط الدراسية، وافتقار بعض الأقسام لحاجاتهم الأساسية، فمثلا تتحول بعض المواد ذات الطابع المعملي لمادة نظرية! وضعف أعضاء التدريس واقتصارهم على جوانب الحفظ والتلقين، وإهمال الجانب التحليلي من كافة العلوم النظرية والتطبيقية.



إن حللنا الإشكاليات السابقة بعدها سنتمكن من إصلاح نظامنا التعليمي، ونحقق الجودة الكمية والنوعية، وسنسهم فعلا في تنمية ترتكز على بناء الإنسان وليس على الحديد والبترول والعمران.