أسامة يماني

السياسة.. وفك الألغاز

السبت - 24 ديسمبر 2016

Sat - 24 Dec 2016

السياسة أحد فروع العلوم الاجتماعية، وتظهر أهمية السياسة في الدور الكبير الذي تلعبه في الاستقرار السياسي، وفي تطور وتقدم وازدهار الأوطان. وأنا لست هنا بصدد تعريف علم السياسة ولا غاياته أو ارتباطه بالعلوم الأخرى، وإنما بصدد محاولة فك الألغاز التي تحيط بمحيطنا الشرق أوسطي والعربي، هذه الألغاز التي تجعل متناول الشق السياسي يجد تباينا واختلافا مع أطروحات وتحاليل المحللين السياسيين، خاصة عندما ينطلقون من منطلقات أيديولوجية أو قطرية أو طائفية، وما إلى ذلك مما يجعل القارئ أو الباحث في الشأن السياسي في حيرة من أمره.



ولقياس نتائج التوجه السياسي لدولة ما يجب النظر إلى المخرج النهائي، أهو نجاح لهذه السياسات التي تبنتها هذه الدولة على المديين القصير والمتوسط على الأقل أم فشل. وتقييم النجاح والفشل يكون بمدى الاستقرار والرفاهية اللذين حققتهما هذه السياسات المتبعة داخليا وخارجيا. وكما يقول وليام جيمس وجون ديوي إن قيمة أي «فكرة» مرهونة بإمكانية تطبيقها وتحقيقها للخير العام والخاص، فالنجاح هو المعيار الذي نحكم به على الأفكار.



والسياسات التي طبقت في منطقتنا إذا أخضعناها لمعيار النجاح نجد أن كثيرا منها فشل فشلا ذريعا، ونتج عنه كثير من الأضرار والخسائر الفادحة مثل السياسات العربية في التعامل مع القضية الفلسطينية، فقد كانت النتائج كارثية، فبدلا من القبول بالقرار الأممي القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي كان يعطي للعرب أكثر من 80%‏ من فلسطين خسر العرب معظم فلسطين. فقد استغل الإخوان المسلمون والثوريون العرب القضية الفلسطينية للمزايدة للوصول للسلطة، وكانت هذه السياسة كارثية ليس على فلسطين فقط بل وعلى الأوطان العربية والإنسان العربي، حيث كانت على حساب التنمية والاستقرار والازدهار.



معيار النجاح يساعدنا في فك ألغاز السياسة. فإذا طبقنا هذا المعيار على سياسات حماس في قطاع غزة نجد أنها قسمت المقسم، وجزأت المجزأ، وأصبح الفرد الفلسطيني الغزاوي يعاني يوميا، ومحاصرا نتيجة لهذه السياسات والعنتريات والنفوذ الإيراني والمال الإيراني الذي يشتري الضمائر الرخيصة لاستمرار هذه السياسات الفاشلة.



إن السياسات التي تبنتها دول الخليج تظهر لنا مدى النجاح الذي حققته على مستوى الفرد والازدهار والتنمية والأمن والاستقرار سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. ولا شك أن ما يحيط بنا من أخطار يتطلب سياسات حكيمة وحازمة، وعاصفة الحزم هي إحدى هذه السياسات التي تبنتها معظم دول الخليج والتي تمثلت في الانتصار للشرعية سواء على صعيد المحفل الدولي بالأمم المتحدة أو على الصعيد العسكري والسياسي، وما يميز السياسة أنها متحركة وليست جامدة صلدة، لأنها ترمي إلى تحقيق أهداف وغايات، فمثلا إذا كان إجراء تفاهم مع أحد الفرقاء في اليمن يحقق انتهاء الحرب وتحقيق الأغراض أو معظمها فالأفضل أن ينظر في هذا الخيار اليوم بدلا من الغد، وهذا أحد فنون السياسة التي أبدع فيها المؤسس، يرحمه الله، والتي تظهر لك من درس نهجه العظيم ما حققه من نجاحات نعيش في كنفها ليومنا هذا بفضل من الله ثم بفضل الهمة العالية والعبقرية الفذة.



السياسة تتطلب النظر في كل الخيارات وكل السيناريوهات ودراستها واختبارها، وتعتمد السياسة على الأفكار الخلاقة البعيدة عن الأيديولوجيات أو الطائفية أو المذهبية، غايتها تحقيق الاستقرار والازدهار والتنمية، ومعيارها في الأخير الذي نحكم به نجاحها، ففك ألغاز السياسة يكمن في معيار النجاح.



أسامة يماني - مستشار قانوني

osama.yamani@