إسماعيل محمد التركستاني

الصحة.. أين الخلل؟

السبت - 24 ديسمبر 2016

Sat - 24 Dec 2016

وتأكيدا لما كتبته في مقالي المعنون بـ (الجانب الخفي في القيادة الصحية)، ومقال (الزيارة الإيجابية لوزير الصحة)، الذي تطرقت فيهما إلى زيارة وزير الصحة إلى مستشفيات الحد الجنوبي، وناقشت آلية الزيارة والقرارات التي أمر بها وزير الصحة لتنفيذها، والتي تهدف في المقام الأول إلى تحسين مستويات الخدمات الصحية بمختلف المنشآت الصحية بصحة المنطقة، فوجئنا أنه وبعد أيام قلائل فصلتنا عن الزيارة، نشر خبر في واحدة من الصحف الالكترونية (المعروفة جدا) عن حادثة تعرضت لها إحدى المنشآت الصحية بالمنطقة، مفاده: تعرض مستشفى (بالحد الجنوبي) لعملية سطو خلال إجازة الأسبوع، تم خلالها نهب أجهزة طبية تقدر بملايين الريالات، في الوقت الذي ينتظر فيه الأهالي انتهاء أعمال الصيانة بالمستشفى الذي تعرض لحريق هائل العام الماضي، راح ضحيته العشرات ومئات المصابين! حيث استغل اللصوص إجازة نهاية الأسبوع الماضي، ودخلوا إلى المستشفى بعد تعطيل كاميرات المراقبة، من ثم نهبوا أجهزته الطبية الثمينة والحيوية التي تخص غرف العمليات والأشعة والمختبر والعناية المركزة، وكاميرات مراقبة تقدر قيمتها بالملايين؟! (انتهى).



لن أناقش هنا حيثيات الخبر الصحفي، ولن أكرر هنا ما كتبته في المقالين المنشورين بصحيفة مكة، ولكنني أرغب في توجيه النظر (مرة أخرى) إلى مقالي المنشور في «مكة» والمعنون بـ (توفيق الربيعة وضبط الإجراءات) والذي كتبت فيه: معروف عن وزارة الصحة وهيكلها الضخم وجود ما يسمى بالتقاطعات بين الإجراءات (الإدارية والجوهرية والمساندة)، والتي كانت سببا فيما يسمى بحالة الصومعة (Silo) بين الإدارات أو الأقسام. ونتج عن ذلك عدم وصول الخدمة الصحية إلى المستفيد (المريض). إذن، نجاح الدكتور توفيق الربيعة في عمله كوزير للصحة يتمثل في ضبط مختلف الإجراءات (كما كان يعمل في وزارة التجارة)، ونقاط الانتقال فيما بينها، وذلك لهدف التحكم الصحيح في مخرجات الخدمات الصحية والتقليل من السلبيات وتراكمها المستقبلي.



إن الجولات التي يقوم بها وزير الصحة لها من الإيجابيات الشيء الكثير (وهذا الأمل). ونعلم أيضا أن وزير الصحة قد وجه القيادات الصحية بجميع المناطق بأن تكون أعمالهم الميدانية من أولويات نشاطهم اليومي (بنسبة 60%)، ويأتي السؤال: هل فعلت تلك القيادات ذلك التوجيه بآلية تطبيقية في أرض الواقع وفعالة وإيجابية ومستمرة (دون الركود في تطبيق التوجيه الوزاري بعد شهر واحد فقط!)، وذلك لهدف ضبط مختلف الآليات العلاجية والإدارية، وتقديم التوجيه اللازم لتحسين جميع الآليات؟



باختصار، لا بد أن ندرك أن صناعة القرار في عالم الرعاية الصحية ليس بالسهل، والتطبيق الفعلي لتلك القرارات بحاجة إلى آلية عمل كبيرة، وقياس مؤشرات الأداء لتلك القرارات أمر يحتاج إلى تدريب الكوادر الوطنية المحلية، وذلك بدلا من الذهاب إلى الشركات الأجنبية لأخذ النتائج (باللغة الإنجليزية).



أحيانا قد تسير في طريق تعتقد أنه سيوصلك إلى قرار تاريخي (دون مخاطر)، وتقوم برحلات لمحاولة التصحيح وتحفيز العاملين، وتتصور أنك تستطيع بهذا القرار أن تصنع تغييرا جذريا في الرعاية الصحية، ومن ثم تفاجأ أن هذا الطريق الذي سلكته سيكون مغلقا أمامك، ولا بد أن تعود مرة أخرى إلى نقطة البداية! نعم، إن صناعة القرارات الاستراتيجية تعد تحديا كبيرا للقيادات الصحية التي تؤمن وتدرك بأهمية القرار في عالم من الأنشطة المختلفة والمتعددة، والتي تنطوي تحتها صحة الإنسان.. هل عرفنا الآن أين الخلل؟