عبدالله حسن أبوهاشم

واحتفينا بلغتنا العربية.. ثم ماذا بعد؟

الجمعة - 23 ديسمبر 2016

Fri - 23 Dec 2016

انتهينا من الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي صادف يوم الأحد الماضي (18 ديسمبر)، وكلما حان وقت الاحتفاء بهذه المناسبة من كل عام يخالجني إحساس غريب وشعور مخيف، إذ أشعر وكأن لغتنا العربية (أستغفر الله، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قد ماتت واندثرت، وأصبحنا أمة لا نتكلم العربية مطلقا، بل نتكلم لغة أخرى، ونريد في هذا اليوم أن نحيي ذكراها، مثل من يحيي ذكرى فقيد عزيز عليه قد رحل، ثم أسأل نفسي: هل الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية سيزيد من قوتها وانتشارها؟ مع قناعتي الشخصية أن الاعتزاز بلغتنا العربية لا يكون عبر رفع الشعارات، ولا عن طريق احتفال سنوي رتيب، أخشى أن يزداد رتابة وبرودة في السنوات القادمة، ويكون مصيره مصير أسبوع المساجد، وأسبوع الشجرة.



ولا يكون عن طريق لوحات تعلق على جدران المدارس، تحمل عبارات هي ذاتها التي كتبت في العام الماضي والأعوام السابقة، لذلك أكثر الفرحين بمثل هذه المناسبات هم أصحاب محلات الدعاية والإعلان. وفي المقابل هناك فئة متضررة وهم الفقراء من أولياء الأمور الذين يدفعون من جيوبهم ثمن بعض هذه الأعمال تحت طلب وإلحاح أبنائهم وبناتهم، وإرضاء لمعلميهم ومعلماتهن، حتى أطلق أحد أولياء الأمور ذات يوم صرخته وسط إحدى المكتبات، يظهر أنه من فئة المتضررين قائلا «كرهنا هذه المناسبات». ومن المفارقات العجيبة أن يأتي هذا الاحتفال في كل عام في الوقت الذي تشهد فيه المدارس ضعفا واضحا وفاضحا وخطيرا لكثير من طلابنا وطالباتنا في مواد اللغة العربية، خاصة في الإملاء والقواعد والخط.



الاعتزاز بلغتنا العربية والمحافظة عليها يجب أن يكونا في كل زمان ومكان، وليسا محصورين في يوم واحد في العام، ولا مقتصرين على المدارس فقط. صحيح عليها مسؤولية كبيرة وعظيمة وتتحمل الجانب الأكبر، لكن لا نحملها وحدها المسؤولية، إذ لا بد أن يتجاوز الموضوع حدود أسوار المدارس، ويساهم الجميع في خدمة اللغة العربية، إذا أردنا فعلا أن نحافظ عليها ونعتز بها، وكنا حريصين على انتشارها.



ومن المفارقات: في الوقت الذي احتفلت مع طلابي بهذه المناسبة كانت في جيبي تذكرة سفر لرحلة داخلية، استلمتها من شركة طيران عربية وموظفوها عرب، كتبت باللغة الإنجليزية ولا يوجد بها حرف واحد باللغة العربية؟



ولو أردنا أن نرصد ونسجل مثل هذه المفارقات والتناقضات التي تصاحب احتفاءنا باليوم العالمي للغة العربية، لألف فيها كتاب.