ترف الفناء!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الخميس - 22 ديسمبر 2016
Thu - 22 Dec 2016
أسعد الله جمعكم وجماعاتكم بكل خير، وجعلني وإياكم من الأقلية الذين يعيشون الحياة، وألا نكون من الأحياء الذين لا يعيشون، وهم الغالبية العظمى من أبناء هذا الكوكب الذي لا ينفك عن اللف والدوران منذ وجوده في هذا الكون الفسيح. ومن المؤكد أن «العيش» أكثر صعوبة على أبناء الجيل السابق لهذا الجيل، وأخالهم لم يتوقعوا أن الأيام ستتغير بهذه الطريقة المريعة. آمنا بالله وأن هذا عصر السرعة وأن الأيام «السلحفائية» قد انتهت، لكن ليس إلى هذا الحد. والأحداث «الجسام» التي كانت تحتاج لسنوات حتى تتبين ملامحها أصبحت تحدث في اليوم الواحد أكثر من مرة. وإن أضفنا إلى تسارع الأحداث أن الحصول على المعلومة أو الخبر أصبح سهلا إلى درجة أن الأخبار نفسها لم يعد لها قيمة لدى المتلقي. ماذا يعني أن تسمع خبرا عن تفجير أو قيام حرب أو جلوسها، لم يعد الأمر مثيرا لأنه أصبح روتينيا ومألوفا. وهذا شيء بشع جدا. أن يتحول الإنسان تدريجيا إلى كائن لا مبال لا يعنيه شيء سوى أن يأكل ويرعى ويفترس كما تفعل بقية الكائنات التي كان يتميز عنها بالإحساس والتفكير. ثم إني وأنا أكتب السطر السابق وجدت أن الوصول إلى المرحلة البهيمية أمر ليس سيئا كثيرا، فالأحداث وكثير من العادات التي استحدثها الكائن البشري ويطالب بأن تكون حقوقا تترفع عن فعلها الدواب وبهائم الأنعام. ويبدو أن تحول الإنسان إلى مجرد بهيمة ترعى وتكف عن بقية الخلق شرها ترف سيكون بعيد المنال في قادم الأيام. وعلى أي حال.. كل الاحتمالات مفتوحة على مصاريعها، فهذه التحولات السريعة التي تنوء عن حملها الأخبار يمكن أن تؤدي إلى أي نهاية، فقد تكون تمهيدا لفناء الجنس البشري، وقد تكون هي السبيل الوحيدة ليعود الإنسان إنسانا، يقتل ويقتل، ولكنه يخاف من الدماء ويكره الحرب ويرعبه الموت حين يحوم في الجوار! [email protected]