غزل اليزيدي

حق النقض الفيتو.. امتياز أم سلاح؟

الخميس - 22 ديسمبر 2016

Thu - 22 Dec 2016

مرة أخرى، استخدمت روسيا والصين حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار في مجلس الأمن تقدمت به كل من مصر ونيوزيلندا وإسبانيا، يعد إحدى المحاولات المستميتة لإنقاذ ما تبقى على قيد الحياة في مدينة حلب، حيث صوتت 11 دولة لصالح القرار بينما امتنعت أنجولا عن التصويت. ونتيجة لهذا الاعتراض، وبعد أن كانت أنظار أهالي حلب المحاصرين والمجتمع الدولي تتجه نحو مجلس الأمن أملا في انفراج طال انتظاره في مسار الأزمة السورية، اعتبر مشروع القرار مرفوضا لعدم استيفاء شروط اعتماده وتنفيذه.



كلمة «فيتو» لاتينية تعني حق الاعتراض، تحديدا الرفض النهائي للقرار وليس فقط إعلان الاعتراض والاكتفاء بهذا، كما ينص ميثاق الأمم المتحدة، بحيث يكفي أن يعترض على مشروع القرار أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليتم رفضه وعدم تمريره نهائيا، حتى وإن صوت لصالحه باقي أعضاء المجلس.



الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي هي روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة. سبب حصولها على المقاعد الدائمة العضوية وامتياز حق النقض، دونا عن باقي الدول يرجع لتفوقها وانتصاراتها التي تحققت في الحرب العالمية الثانية، بالإضافة لهذا، تصنف هذه الدول بأنها من اللاعبين الكبار خلال الحرب وفي الساحة الدولية ذاك الوقت، وكان انضمامها للأمم المتحدة يعني تشجيع عدد كبير من الدول الموقعة على بنود السلام للانضمام لمنظمة الأمم المتحدة عند انتهاء تأسيسها بشكلها النهائي سنة 1945، والذي أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. أيضا، زيادة في إقناعها للانضمام بعد اعتراضها على مساواتها بباقي الدول الأقل قوة في المنظمة، مما قد يلغي هيبتها. لكن مع امتياز «الفيتو» سيكون لها يد عليا على باقي الدول الأعضاء.



الجدير بالذكر، أن حق النقض يكون فقط في المسائل الموضوعية وليس في المسائل الإجرائية، أي أن مشروع القرار يسقط عند اعتراض أي من الدول الدائمة العضوية، وذلك لضمان أن دول المجلس لن تصدر قرارا فرديا، على سبيل المثال للتفويض بالقيام بعمل عسكري دون موافقة جميع الدول دائمة العضوية، ليؤكد على قوة وصلابة القرار.



خلال السنين الماضية، جرت محاولات من دول أخرى في الأمم المتحدة لتقييد أو إلغاء هذا الامتياز، خصوصا أن هذه الدول الخمس لم تنتخب بطريقة ديمقراطية لعضوية المجلس، ولا تحقق التمثيل العادل لأغلب أعضائه، ولا تصوت بنظام الأغلبية على القرارات، بينما على النقيض تماما، تدعو قوانين الأمم المتحدة للديمقراطية والمساواة بين الدول جميعها في المنظمة، ولكن هذه الاقتراحات قوبلت بالرفض من الدول دائمة العضوية.



من جهة أخرى، ونتيجة لأن مجلس الأمن لا يعكس بدقة الواقع الجغرافي السياسي، كانت هناك مقترحات باءت بالفشل لإضافة دول أخرى، ذات توجهات وأبعاد سياسية وجغرافية مختلفة، من أفريقيا، وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، بهدف جعله أكثر تمثيلا وكفاءة وشفافية، بما يعزز فعاليته ومشروعية قراراته، وذلك دون المساس بمبدأ الفيتو.



ينص مشروع القرار، الذي تقدمت به كل من مصر ونيوزيلندا وإسبانيا، على وقف مباشر للقتال لجميع الأطراف المشاركة عسكريا في النزاع السوري في مدينة حلب، لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد، أيضا، تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة عن طريق السماح بالمرور الآمن للقوافل الإغاثية والحملات الإنسانية لإغاثة عشرات الآلاف من السكان المحاصرين في شرق حلب، وكان القصد من مشروع القرار التمهيد لوقف القتال في سوريا بشكل عام ما عدا المناطق التي تحارب فيها الجماعات الإرهابية.



هذه المرة السادسة لروسيا والخامسة للصين لاستخدام حق الفيتو، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 ضد عدد من قرارات مجلس الأمن فيما يخص صالح القضية السورية عامة، ووقف القتال في مدينة حلب خاصة، حيث سبق واستخدمته روسيا والصين لمنع عدد من قرارات مجلس الأمن كان الهدف منها وقف القتال لإقامة مناطق عازلة، ومن ثم إدخال المساعدات الإغاثية والحملات الإنسانية وإسعاف المصابين.



الفيتو الأول كان في أكتوبر عام 2011، حيث منع الفيتو الروسي الصيني اقتراح مشروع دولي لفرض عقوبات على النظام السوري في حال استمرار استخدام العنف ضد الشعب. بينما كان الفيتو الثاني في فبراير 2012، عندما منع مشروع قرار تحميل النظام السوري مسؤولية إراقة الدماء في البلاد، وقتها تذرعت روسيا والصين بمنع أمريكا وأوروبا من استخدام القرارات الأممية كوسيلة للتدخل العسكري في سوريا.



الفيتو الثالث كان في يوليو 2012، حيث منعت روسيا صدور قرار لمجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات على النظام السوري. أما الفيتو الرابع كان في مايو 2014، عندما منعت روسيا مشروع قرار يقضي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب. وأخيرا، الفيتو الخامس وقبل الأخير فكان في أكتوبر الماضي، عندما منعت روسيا مشروع القرار الفرنسي الإسباني، والمتعلق بوقف إطلاق النار في حلب، بعد أن صوت لصالحه 11 بلدا.



تتفاوت بشكل كبير عدد المرات التي استخدمت فيها الدول الدائمة العضوية حق النقض الفيتو، فعلى سبيل المثال، منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 استخدمت روسيا حق النقض الفيتو 124 مرة، الولايات المتحدة 79 مرة، بريطانيا 32 مرة، فرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 9 مرات. ويلاحظ أن حق النقض استخدم من قبل روسيا والصين ضد آخر قرارين والمتعلقين بالأزمة السورية. تعد المرة الأولى في تاريخ حق النقض يتم استخدامه من أجل دولة عربية.



أخيرا، تأتي الولايات المتحدة في المركز الثاني في استخدام الفيتو ومنع 54 مشروع قرار، حيث اعترضت 36 مرة في وجه قرارات تنتقد الحكومة الإسرائيلية أو تطالبها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية. وفي عام 1976 لجأت الولايات المتحدة لحق الفيتو ضد مشروعي قرار كانا يطالبان بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.